في اليوم العالمي للعمال… أين يتجه مصيرهم مع تفاقم الأزمات العالمية؟

“ثماني ساعاتِ عمل.. ثماني ساعاتِ نوم.. ثماني ساعاتِ فراغ واستمتاع”، كانت هذه أهمُّ الشِّعاراتِ التي أطلقتها أُولى الحركاتِ العمَّاليّة في العالم والتي قامت، بدايةَ الأمر، في أستراليا ومن ثمَّ في الولايات المتحدة، وتحديداً بشيكاغو، في حدثٍ يُعرف إلى الآن بذكرى هايماركت، تلك الساحة التي احتجَّ فيها عمَّالٌ مطالبين بتخفيضِ ساعاتِ العملِ والمساواة في الأجور فجُوبهوا بعنفِ الشرطة في الأول من أيار مايو من عام 1886.

حدثٌ أشعلَ فتيلَ الاحتجاجات في الكثيرِ من الدول، ما جعلَ الأمميَّة الاشتراكية تتبنّى خلال مؤتمرِها الثاني هذا اليومَ كيومٍ عالميٍّ للعمّال يتم إحياؤه سنويّاً، خاصَّةً بعد أن بدأت السياسةُ الرأسمالية المتّبعة في الدّولِ الأوربية تلتهمُ الثرواتِ بذرائِعَ ووسائلَ مختلفة مما عزَّز مظاهرَ الطبقيَّةِ في المجتمعاتِ منتجةً طبقةً جديدةً عرَّفها كلٌّ من المنظّرين كارل ماركس وفريديك إنجلز لدى صياغتهما للمانفيستو الشيوعيّ بالبروليتاريا.

على إثرِ الحراك العماليّ العالمي واستجابةً للنداء الذي أطلقَه المنظّرانِ سالفا الذّكر، يا عمَّال العالم اتحدوا، تشكَّلت النّقاباتُ العمَّالية المتنوّعة لتحقيقِ العدالة الحقوقية للعمّال ولتكون صوتهم في المجتمع.

وقبل أن تطوّرَ الرأسماليّةُ أساليبَها تمكَّنت العديدُ من الحركاتِ العمَّاليّةِ من وضعِ نظامٍ خاصٍّ بالأجورِ والإجازاتِ ووضع نظامٍ للضمانِ الاجتماعيّ لهم والتي لا تزال جميعها نافذة في القوانين حتّى الآن.

اليوم، وبعد أكثر من قرنٍ من نضالِ الحركات العمّالية في وجهِ الآلة الرأسمالية يقعُ مصيرُ العمّال الذين لم تنتهِ مآسيهم في دهاليزِ الغموض والتّعقيد، خاصَّةً في ظلِّ التحوّلات المتسارعةِ لأنظمةِ العالم الاقتصاديّة والمالية والتمدّد اللامحدود لمظاهرِ العولمة التي قد تُسقِط ما يُعرف اليوم بكيانِ الدولة، ليصبحَ القرارُ بيدِ سلطةٍ غيرِ مرئية وربما أكثر نفاذاً وجبروتاً وفقاً لقراءاتِ محلّلين اقتصاديّين.

فبحسبِ هؤلاء المحلّلين فقد تغيّرت ماهيّةُ ما وصفوها بماكينِة الدولة الرأسمالية، في إشارةٍ إلى الشركات الكبرى، التي تعود كلمةُ الفصل لها في تقريرِ المصائر بما يتواءَم مع رقم عدّاداتِ زيادةِ ربحها، ملتهمةً حقوقَ الإنسانِ والطبيعَةِ على حد سواء.

ووفقاً لمنظمةِ العملِ الدولية تنخفضُ توقعاتُ انتعاش سوق العمل في العام الحالي مقدّرةً عجزاً في ساعاتِ العملِ عالمياً يعادل اثنين وخمسينَ مليون وظيفة بدوام كاملٍ مقارنة بالرُّبع الرابع من عام 2019 في ظلِّ السباقِ الماراثوني لسوق الأسهمِ العالمي وداءِ الركودِ التضخمي الذي يعتري اقتصاد العالم، فضلاً عمّا كشفته أزمةُ كورونا من مآخذَ وعيوبِ الأنظمة الاقتصادية التي ساهمت بمجموعها في ارتفاعِ نسبةِ البطالة.

ويرى مراقبونَ أنَّ الوقت قد حان لأن تقومَ النقاباتُ العمالية بأدوارٍ أكثرَ فاعليّةً واصفينَ إياها، بالخلايا المثبطة، منوّهينَ إلى أنَّ الارتهانَ السياسيَّ للنقاباتِ يحول دون إقدامِها على تغييرِ ماهيّاتها بما يتوافق مع متغيّرات العصرِ، وأن الوقت ملائمٌ ليُحدِّدَ العمالُ أهدافَهم بعيداً عن الشِّعارات الفضفاضةِ ليعود الأوَّلُ من أيّار مثمراً بربيعِه العمَّالي بعد فترةِ خريفٍ طويلة.

قد يعجبك ايضا