نهاية درعا وبداية النظام!

تظهر مطالب النظام السوري في درعا واضحة، تسليم المناطق والسيطرة، وتسليم السلاح، وحصره في الجيش النظامي والأمن السوري والميليشيات العاملة معهما، وتهجير المقاتلين في درعا، “عناصر المقاومة الشعبية، وعناصر فصائل غامضة، لكنها معروفة للأمن السوري”، إلى الشمال السوري.
وإذا فشلت جولات المفاوضات الأولى بين الوفود الأمنية للنظام، والوسطاء من العشائر الدرعاوية، فقد يكون النجاح هو مصير التالية، رغم الشحن “الثوري” للقتال، ورغم تهافت ثوار الفيس بوك والتويتر على نقل الأحلام، بصورة تدعو للرثاء.

يشعر النظام السوري اليوم بقوة متجددة، رغم الانهيارالاقتصادي في مناطق سيطرته، ورغم الأسى والألم والجوع بين أنصاره، ورغم عجز الجيش والقوى الأمنية عن تحقيق رغبته في تجديد قمعه وسيطرته وبطشه، لكنه يصحو على أثر جرعة “المنشطات” بعد نجاح انتخاباته الرئاسية، وبعد تغاضي العالم “الحر” المقيّد بالمؤامرات، رغم تجديد بعض العقوبات على شخصيات وكيانات أمنية وعسكرية واقتصادية سورية. وبعد جرعة منشطات صينية تلقاها إثر زيارة وزير الخارجية الصيني، وحصوله على المزيد من الحركة والاستثمار في ساحات التنافس الصينية الروسية، وسط استغلال التنافس الايراني الروسي أيضاً، ووسط انسحابات أمريكية في أفغانستان والعراق، واعتقاده بقرب انسحابها من سوريا تماشياً مع استراتيجية أمريكية غامضة. بشّر بها الرئيس اوباما، وتلاه ترامب، ويتواصل العمل فيها بفترة الرئيس بايدن.
زاد اشتعال ملف درعا “الحامي”، بعد عودة الملك الأردني من واشنطن، و”تبشيره” بتغيير جدول الأعمال في الملف السوري، والتواصل مع النظام، بحكم الأمر الواقع، والأخذ بعين الاعتبار الوجود الروسي وتأثيره المركزي في تفاصيل الأحداث.
تقع درعا على طريق التدخل “الأردني”، وشريان استمرار “تمردها” يتغذى على الأوامر الأردنية، رغم أن الأردن كيان طرفي، لا يقرر ولا يغيّر المعادلات، لكنه ناقل جيد لها.
وبقطع التواصل “الثوري” بين درعا مع الأردن، تبقى درعا حبيسة قوة النظام، والميليشيات الإيرانية، والوصي الروسي.
انطلق مشروع إنهاء “مشروع درعا”، أكد ذلك الملك الأردني من واشنطن. والحديث عن خلافات ايرانية روسية في هذا الملف، يتسابق فيها كل طرف ليحوز على مناطق نفوذ جديدة، حديث أوهام، وقراءة غير صحيحة لتغير المواقف الدولية والإقليمية.
هناك تنافس حقيقي، في خندق التحالف بينهما. هناك توزيع للأدوار والمناطق يتوضح ذلك من تقاسم النفوذ، وتوزيع الميليشيات، وتهافت الايديولوجيا وتصيد السوريين، من الحدود الشرقية للبلاد وصولاً إلى البحر.
التنسيق الروسي الايراني عالي المستوى، وحاجة كل طرف للآخر تقضي على نقاط الخلاف، ولا يعيق التحالف والتنسيق، عندما يصمت الروس ومنظوماته الجوية الصاروخية، على قصف اسرائيل المستمر للمواقع الايرانية في سوريا، وتعي ايران تماماً أنه غير مطلوب من روسيا التصدي لهذه الغارات، لأنها ترتبط باتفاقيات أخرى مع اسرائيل، تقدّرها ايران.

انهاء ما عرف ب”مشروع درعا” قائم، والانتهاء منه مسألة وقت، في إطار الإبقاء على مشاريع سوريا الثلاثة، مشروع النظام، ومشروع الإدارة الذاتية، والمشروع التركي-سوري في إدلب وجوارها، في انتظار تغيير المعادلات، وتبديل المؤامرات، وتزييف الوقائع.

الكاتب: طالب إبراهيم

المصدر: قناة اليوم

قد يعجبك ايضا