مجزرة حلبجة.. جريمة بحق الإنسانية وسط صمت دولي

حلبجة.. قصة مدينة كردية احتضرت فيها الحياة، توقف التاريخ فيها للحظات، قصة أطفال حلموا بنوروز..ليقطفوا أزهار الربيع هناك.
أطفال امتلأت رئاتُهم بهواء معطر برائحة التفاح والإجاص، فاختنقوا قبل أن يبدأ الربيع في كردستان.

السادس عشر من آذار عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين تاريخ لم يكن ما قبله كما بعده، حدث دوى كالصاعقة ليسود بعده صمت عارم استمر مطبقاً إلى أن استفاق العالم بأسره على مجزرة أودت بحياة أكثر من خمسة آلاف كردي بلمح البصر دون سابق ذنب لهم.

مجزرة حلبجة في إقليم كردستان، جاءت تتويجاً لحملة الأنفال العسكرية التي بدأها النظام العراقي السابق ضد الكرد، قبل أن تضع الحرب العراقية الإيرانية أوزارها.

فبأمر مباشر من الرئيس العراقي صدام حسين آنذاك، وبتنفيذ وإشراف ابن عمه علي حسن المجيد، الملقب بعلي الكيماوي، قصفت الطائرات العراقية مدينة حلبجة الكردية لخمس ساعات متواصلة، أمطرت سماء المدينة صواريخ وقنابل تحمل في أحشائها غازات سامة على رؤوس المدنيين الأبرياء.

التاريخ يذكر ومعه كل من عاصر الحدث تلك الصور المؤلمة على ندرتها، لأم كردية وهي تحتضن وليدها ظناً منها أنها ستبقيه حياً بعدها وتحميه بأن تضع رأسه على صدرها علها تختنق ولا يختنق، إلا أن السفاح الذي ارتكب المجزرة آثر أن يقتلها وطفلها معاً.

فبعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على مجزرة اكتشفت بالصدفة لأن العالم بأسره قرر وقتها أن يغمض عينيه عنها ويصم أذنيه لتفضحها بضع مقاطع فيديو التقطتها عدسات صحفيين أجانب.

صمت دولي كشفته منظمة مجموعة الأزمات الدولية، “آي سي جي” في عام ألفين واثنين، في وثيقة أكدت فيها بأن الموافقة الضمنية من قبل العديد من حكومات العالم هي التي أدت إلى تسليح النظام العراقي السابق بأسلحة الدمار الشامل، في ظل الصراع مع إيران.

وعلى الرغم من امتناع ألمانيا إنتاج أسلحة الدمار الشامل، إلا أن بعض شركاتها قدمت للعراق مركبات طليعية من المواد الكيميائية لتطوير ترسانته العسكرية والتي استخدمها النظام في شن حرب إبادة جماعية على الكرد الآمنين.

ونُقل عن ديتر باكفيش العضو المنتدب لشركة، “كارل كولب جي إم بي أتش” الألمانية قوله في عام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين، “إن الغاز السام بالنسبة للأشخاص في ألمانيا أمر مروع للغاية، لكن هذا الأمر لا يقلق العملاء في الخارج”.

هجوم حلبجة اعتبر رسميًا من قبل المحكمة الجنائية العراقية العليا بأنه إبادة جماعية بحق الشعب الكردي بالعراق في عهد صدام حسين، لكن ضحايا حلبجة يبقون الشاهد الوحيد على المجزرة التي لا يستطيع المجتمع الدولي بأسره أن يطمسها ويميعها.

تقرير: عبد الرحيم محمد

قد يعجبك ايضا