تونس.. عودة الأزمة إلى الحضن العربي!
نجح الرئيس التونسي قيس سعيّد في انقلابه الأبيض “حتى الآن”، وأقال رئيس البرلمان ورئيس الحكومة، وجمد عمل البرلمان. وأمسك بمقاليد الحكم المدنية والعسكرية والأمنية والقانونية، في طريقه إلى إعادة تونس إلى حضن الأنظمة العربية، بعد أن وضعها زعيم النهضة “الاخوانية” راشد الغنوشي في الحضن التركي، على أثر سقوط نظام زين العابدين بن علي، ونجاح ربيع الأخوان المسلمين فيها عام 2011.
عودة النظام التونسي على أيدي “سعيد” قوبلت برضا غربي صامت، أو رفض معتدل يحمل الرضا، وتصفيق مصري وإماراتي وجزائري، وصفير قطري تركي لم يهدأ حتى الآن.
تشعر تركيا بخسارة كبيرة، بعد خسارتها القاسية في مصر، وبداية الخسارة في ليبيا. وعلى وقع انقلاب تونس “السعيّدي”، تفقد رويداً رويداً مدّها الاخواني، وسط تقلّب الموازين بشدة، في عملية إعادة إنتاج شرق أوسط جديد عنوانه إعادة إنتاج الأنظمة العربية، بعد سقوط العديد منها، وتداعي آخرين، وعلى رأسهم النظام السوري.
وشاءت الأقدار أن تكون زيارة الملك الأردني للإدارة الأمريكية، على بعد خطوة من الانقلاب التونسي.
بعد مقابلة الملك الأردني ” عبد الله الثاني” للرئيس الأمريكي جو بايدن، لم يكن حديثه مع ال “CNN” مؤخراً، فيما يتعلق بعودة العمل مع النظام السوري، حديث الصدفة. ولم يكن تأكيده حول بقاء الأسد والنظام وضرورة التعاطي مع الوقائع “السياسية والعسكرية” هذه، نابع عن رغبة أردنية جافة، خاصة بعد مقابلته الرئيس الأمريكي جو بايدن.
التصريحات التي قدمها الملك الأردني، حول أمر واقع النظام السوري، هي رسائل أمريكية. وهي رسائل ليست حديثة، سبق أن قدّم لها الرئيس اوباما ووزير خارجيته أنذاك “جون كيري”، من أجل العمل “المضني” لتغيير سلوك النظام وليس تغييره.
ولأن الرسائل أمريكية صرفة، فمن يمكن أن يسوّق لها أفضل من الأردن، هذه الدولة التي تخشى على كيانها منذ إنشائها، وتخشى من كثرة أعدائها، وكثرة المؤامرات عليها كما تدعي، وكان آخرها الانقلاب الفاشل من داخل عائلة الملك الأردني، وبتوجيه من مملكة مجاورة، لم يشأ “عبد الله الثاني على تسميتها حرفياً” واكتفى بالتصريح إنه ينظر للإنقلاب باعتباره شأناً أردنياً “عائلياً” داخلياً.
الأردن يقوم بدور “ساعي بريد”، لأنه أعجز عن أن يقوم بدور الوسيط أو دور الفاعل، لا يستطيع أن يتخذ موقفاً مستقلاً، إمكانياته وواقع كيانه أقل بكثير من ذلك. وهو يعي ذلك ويلتزم به.
ومن أجل إتمام نقل الرسائل، وفتح ثغرة “أردنية” للأنظمة العربية في جدار التواصل مع النظام، فقد قام وزير الداخلية الأردني سريعاً بعد تصريحات الملك، بالتواصل مع وزير داخلية النظام. ومن يدري ربما تواصل ويتواصل مدراء المخابرات العامة والخاصة الذين يرسمون السياسات الداخلية والخارجية والأمنية، لأن ما ظهر في العلن بتواصل الداخليتين، يخفي تواصل أخطر وأشد نجاعة.
انقلاب تونس “الأبيض” بشرى سارة للأنظمة العربية، وقد يكون بشرى سارة للنظام السوري، وكيف لا، وقد وصل داعية “قومية عربية” جديد “قيس سعيد” إلى مرتبة الزعيم العربي، وضم إلى سلطته، ما توزع في السنوات الماضية بين أيدي منافسيه وأعدائه في الداخل التونسي من سلطات.
على خلاف أنه نكبة كبيرة لتركيا، ومحفظة النقود قطر، وعصابات الاخوان المسلمين حاملي السلاح والايديولوجيا والأجندة.
الكاتب : طالب إبراهيم
المصدر: قناة اليوم