“ائتلاف الإخوان” يتداعى ومعارضون يصفونه بالخيانة وفقدان الشرعية

موجةُ غضبٍ عارمةٌ أثارها إعلان ما يسمّى الائتلاف السوري المعارض، عزمَهُ إنشاء مفوضيةِ انتخاباتٍ للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرَّرة في حزيران يونيو المقبل بسوريا، بما يتَّفق مع تسريباتٍ حول خطّةٍ روسيةٍ تركيةٍ يجري الإعداد لها، تتضمّن التحضير لشراكةٍ في الحكم بين “الإخوان” وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، يبقى الأخير فيها على رأس السلطة لفترةٍ جديدة، وتشرعن الوجودَ الروسيَّ والاحتلالَ التركيّ، مقابلَ إقصاءِ أمريكا وشركائِها عن المشاركةِ في أيِّ حلٍّ سياسيّ.

غضبٌ ترجمَهُ نشطاءُ في مدينة إعزاز المحتلة شمالي حلب، بوقفةٍ احتجاجيةٍ للتعبير عن رفضِهم إنشاءَ مفوضيةِ الانتخابات، طالبوا فيها برحيل الائتلاف وزعيمِهِ المدعوّ نصر الحريري، واصفين إيّاه بالخائنِ والفاقدِ للشرعية، التي قالوا إنّها يجب أنْ تُكتسبَ بالانتخابِ الشعبّي، لا التعيين من الخارج.

رفضٌ دفع بالحريري، التراجع عن القرار، تحت ضغطٍ كبيرٍ من الأوساط المعارضة، مصرّحاً أنّ الائتلاف تراجع عن العمل بالقرار ويسعى نحو زيادة المشاورات مع القوى السياسية للوصول إلى صيغةٍ تُرضي الجميع دون إحداث انشقاقاتٍ في صفوف المعارضة، ما يُنبِئ بالفعل بوجود تفككٍ في صفوفِ المعارضةِ التابعةِ للنظام التركي.

لكن التراجع عن الخطوة لم يثنِ العديد من الشخصيات المعارضة عن تأكيد الدعوة إلى حلِّ الائتلاف وهيئة التفاوض، باعتبارهما لا يمثلان المعارضة السورية، مشيرين إلى أنّ القرار كان بمثابة استفتاءٍ كشف أنّ الائتلاف أشبه ما يكون بالوجه الآخر للحكومة السورية، ولا يمثّل سوى حفنةٍ من المتسلقين على دماء السوريين، طمعاً في السلطة وامتيازاتها، وخدمةً لأجنداتٍ منفصلةٍ تماماً عن آمال السوريين في الحرية والعدالة والعيش الكريم، في ظل منظومة مؤسساتية ديمقراطية، لا مكان فيها لمجرمي الحرب والانتهازيين.

في الأثناء تتَّضح ملامح تفكّك الائتلاف التابع للنظام التركي بشكلٍ جليٍّ، مع بدء مجموعة من التيارات والتشكيلات السياسية المعارضة أعمال ما سمّي “مؤتمر القوى الوطنية للدفاع عن ثوابت الثورة” افتراضياً، رغم تناقضِ أهدافِ المُؤتَمرِينَ، وتباينها بين محاولة النفح في رماد الائتلاف، وإيجاد جسمٍ بديلٍ عنه.

هذِهِ الانتكاسةُ التي أكّدت وَفْقَ مراقبِينَ فشلَ المعارضةِ المرتهنةِ للنظامِ التركيِّ في الدفع باتّجاه أيِّ حلٍّ سياسيٍّ يلبّي الحدّ الأدنى من طموحات السوريين، تأتي في وقتٍ تتَّسع الهوة بين أركان الائتلاف بشأن الجولة الرابعة لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، التي من المفترض أن تنعقد بعد أيامٍ قليلة، تحت ضغوطٍ روسيّةٍ تركيّة، للدفع نحو المشاركة.

وغير أنّ صلاحية تشكيل هيئة للانتخابات أمرٌ من اختصاص هيئة الحكم الانتقالية بعد تشكيلها، وَفْقَ بيانِ جنيف واحد، والقرار الأممي 2254، فإنّ هذا الأمرَ مثّل وفقاً لمعظم المعارضين السوريين، إخفاقاً آخر للنهج الذي تسلكه التشكيلات الإخوانية المعارضة المرتبطة بأنقرة، التي تتحيّن الفرص لاختزال المشهد السياسي السوري، بهياكل تخدم تنظيم الإخوان العالمي وأجندات التركي، وترسّخ احتلاله لأراضي الشمال السوري، وهيمنته على قرار أدواته التي يخطط لإشراكها في حكم سوريا.

قد يعجبك ايضا