هجوم إسرائيلي متوقع على رفح وسط تحذيرات من عواقب وخيمة
بعد أن باتت ملاذاً للنازحين من ويلات الحرب المستمرَّة مُنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي أحدثت دماراً هائلاً في أغلب مدن قِطاع غزّة، مخلفةً عشرات آلاف القتلى والجرحى، ها هي ذي مدينة رفح تقف وَجِلَةً من مواجهة المصير ذاته بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عزمَه اجتياحَ المدينة رغم التحذيرات الدولية المتكرِّرة، حتى من أقرب حلفاء تل أبيب، ممّا قد يجرّه الهجومُ من كوارثَ وعواقبَ وخيمة.
الهجوم على مدينة رفح التي يتكدّس فيها أكثر من مليون وثلاثمة ألف شخص من سكانها والنازحين إليها من شمال ووسط القطاع، رغم مساحتها الصغيرة، سيكون بحسب محللين ومتابعين للشأن الفلسطيني مؤلماً وطويل الأمد لتحقيق الهدف الذي أعلنته إسرائيل، وهو القضاء على كتائب تابعة لحركة حماس، في ظل تقديرات بأن الأخيرة لا تزال تحتفظ بقدراتٍ مسلّحة كبيرة رغم دخول الحرب شهرَها الخامس.
لكنَّ تنفيذ أيِّ اجتياحٍ إسرائيلي لرفح بحسب مسؤولين غربيين وإقليميين، ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على النازحين هناك بل على مناطق قطاع غزة كافة، وعلى إسرائيل نفسها؛ إذ إن من شأنه تأجيج غضب المؤسّسات الدولية وبعض الدول الإقليمية، كما أنه يوتّر العلاقات بين تل أبيب وحليفتها الأبرز واشنطن التي سبق وأن أعلنت أنها لن تدعم إسرائيل في هجومها العسكري هذا، وأن على الأخيرة أن تتخذ الاحتياطات الممكنة كافة لتجنُّب الإضرارَ بالمدنيين. موضحةً أنّ أي هجوم عسكري هناك من دون إجلاء النازحين يعني أمراً كارثياً ولن تؤيده”.
ومن أبرز السيناريوهات للحرب المحتملة في رفح هو المرتبط “بمساعي إسرائيل تهجير سكان غزة إلى سيناء” المصرية، الأمر الذي سبق للقاهرة وأن أكّدت رفضها له مراراً، معتبرةً ذلك بمثابة “تصفية” للقضية الفلسطينية، ومؤكدةً في الوقت نفسه أنَّ أيَّ محاولاتٍ أو مساعٍ لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم ستبوء بالفشل، وأنّ الحل الوحيد للأوضاع الراهنة يتمثّل في حل الدولتين وإقامةِ دولةٍ فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي السياق ذاته حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من “التبعات الخطيرة” لاستهداف رفح، مشدداً في بيان، السبت، على أن دفع مئات الآلاف للنزوح من القطاع، هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني، فضلاً عما يُمثله من إشعال خطير للموقف في المنطقة، لافتاً إلى أن المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية لم يخفوا نوايا “التهجير” للسكان، بل وإعادة المستوطنات الإسرائيلية إلى القطاع، ما يجعل التحرك الدولي في هذه المرحلة ضرورة للحيلولة دون وقوع كارثةٍ تزيد من تصعيد الأوضاع واشتعالها على المستوى الإقليمي.
ومن جانبها أصدرت كلٌّ من السعودية والإمارات والكويت وقطر والأردن ومجلس التعاون الخليجي تحذيرات، السبت، بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها دخول قواتها إلى مدينة رفح المكتظة بالنازحين، داعية المجتمع الدولي إلى ضرورة الاضطلاع بمسؤولياته والتحرك الفوري والفاعل لمنع إسرائيل من الاستمرار بحربها، التي تسببت بكارثةٍ إنسانيةٍ غيرِ مسبوقة.
ويثير التلويح بهجوم عسكري وشيك في رفح، قلق الداخل في إسرائيل من تأثير ذلك على الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع، لا سيما وأنّ حركة حماس قد حذرت إسرائيل من أنّ أيَّ هجوم في رفح سيؤدّي الى “نسف مفاوضات” تبادل الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين. ولكن يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قرّر أن يضرب بالتحذيرات الدولية والأمريكية والعربية، وقلق الداخل الإسرائيليي من مخاطر هجومه المرتقب في رفح، عرض الحائط، إذ تقول وسائل إعلام إسرائيلية، إن الجيش، صدّق بالفعل على هجوم رفح.