في ظل الفوضى والفلتان الأمني الذي تشهده درعا جنوبي سوريا وفشل الحكومة السورية في تحقيق الأمن والاستقرار في المحافظة التي تشهد أزمةً معيشيةً خانقةً ووضعاً اقتصادياً متهالكاً، تتواصل موجات الهجرة الجماعية من أبناء درعا هرباً من مستقبلٍ مجهولٍ تعصف به الاغتيالات وتصفية الحسابات.
هجرةٌ أجبر عليها أبناء درعا مع دخول قوات الحكومة السورية وحلفائها من الفصائل الموالية لإيران إلى المحافظة، في تموز/ يوليو من عام ألفين وثمانية عشر من خلال تسويةٍ أُبرمت بين الفصائل المسلحة وقوات الحكومة برعايةٍ روسية، لتبدأ سلسةٌ من الاغتيالات طالت قياديين سابقين في الفصائل ومدنيين وعناصر وضباطاً من قوات الحكومة.

سلسلة الاغتيالات وحوادث الفلتان الأمني والعمليات العسكرية التي بدأت مع سيطرة قوات الحكومة السورية على مدن وبلدات درعا، والتي زادت وتيرتها في الأعوام الأخيرة، إضافةً لحالات الخطف التي تشهدها المحافظة، ألقت بظلالها على السكان لتبدأ عملية حسابٍ جديدةٌ في البحث عن مستقبلٍ أفضل على الأقل لأبنائهم وإبعادهم عن احتمالية أن يكونوا هدفاً للاغتيالات في ظل فوضى عارمة.
وفيما يبدو أن الحكومة السورية بعد أن فشلت في السيطرة الفعلية على درعا تسعى إلى إفراغها من أهلها وخاصةً الفئة الشابة لتسهل عملية السيطرة عليها، دون الحاجة إلى عملياتٍ عسكرية جديدة قد تكون مكلفةً لها في العدة والعتاد.

وبحسب مراقبين فإن التسوية التي أعلنت عنها الحكومة السورية في شهر حزيران / يونيو الماضي والتي أمهلت المتخلفين عن التجنيد الإجباري مدة ستة أشهر للالتحاق بصفوف القوات الحكومية، بالإضافة إلى منح المتخلفين إذن سفر خارج البلاد قبل أن ينضموا إلى قوات الحكومة، خير دليلٍ على سعي الحكومة لتهجير ما تبقى من شباب درعا.
الدور الإيراني الخفي يضاف إلى دور الحكومة السورية للسيطرة على درعا من خلال إفراغ المنطقة من أبنائها ودفعهم للهجرة، وذلك بعد أن فشلت جميع المحاولات في السيطرة الفعلية على المحافظة سواء عن طريق التسويات أم عن طريق العمليات العسكرية.

إيران وبحسب تقارير إعلامية عملت من خلال سياسةٍ ممنهجةٍ على تقويض الاقتصاد في الجنوب السوري، والعمل على انتشار البطالة والمخدرات، إضافةً إلى تنفيذها عمليات اغتيال واسعةً في المنطقة بهدف تهجير ما تبقى من الشباب من أجل تسهيل عملية السيطرة على المنطقة، لما تمثله من أهميةٍ كبيرة لها، كونها على حدود إسرائيل والأردن وتعد عمقاً للعاصمة دمشق، وبوابةً لتهريب الكبتاغون وابتزاز الدول العربية.