منصب رئيس البرلمان العراقي رهين التجاذبات السياسية

في العراق كل شيء يسير بخطى متسارعة نحو المجهول، فأزمات البلاد المتتالية تشي بذلك، وما أزمة اختيار رئيس جديد للبرلمان إلا مثال على ذلك.

قرار إقالة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، جاء كالصاعقة على سياسيي العراق وشعبه، فالبلاد لا ينقصها حدث جلل كهذا، في ظل الخلافات العلنية والسرية بين الكتل والأحزاب السياسية، حتى التي تنتمي لتوجه ديني واحد.

منصب رئاسة البرلمان بموجب نظام المحاصصة الطائفية المعمول به عرفياً في العراق يجب أن تتسلمه شخصية سنية، بينما تذهب رئاسة الوزراء للشيعة، فيما يبقى للكرد منصب رئاسة الجمهورية.

وعلى هذا الأساس تظهر الخلافات، فالمرشح المدعوم من أحزاب منضوية تحت راية كتلة ما، ليس بالضرورة أن يلقى الدعم من حزب آخر في نفس الكتلة، وهو ما يؤخر عملية اختيار بديل للحلبوسي.

الإطار التنسيقي، وهو الكتلة الشيعية الأكبر والمسيطرة على البرلمان تؤيد ترشيح محمد المشهداني لهذا المنصب، فيما حزب تقدم، وهو حزب رئيس البرلمان المعزول لا يرى المشهداني في هذا المنصب.

ويصر حزب تقدم على أن يبقى المنصب من حصته حصراً، فيما لا يعجب هذا المقترح الإطار التنسيقي، ويريد أن يفرض مرشحه، مستغلاً أغلبيته التي تخوله تعطيل أي تصويت، في حال عدم التوافق على مرشح بعينه.

ومنذ عزل الحلبوسي من منصبه قبل أكثر من شهر، فشل البرلمان العراقي مرتين، بعقد جلسة للتصويت على بديل له، وهو ما يرسل إشاراتٍ على عمق الخلافات السياسية، وفشل التوافق على مرشح واحد يحظى بموافقة ورضا الكتل السياسية.

فشل يزرع التخوف في نفوس العراقيين من تكرار سيناريو العام الماضي، حين فشلت الكتلة الصدرية بتشكيل الحكومة، بعد فوزها بالانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2021، وذلك مع إصرار الإطار التنسيقي على التمسك بالثلث المعطل، وهو ما أدى إلى تقديم النواب الصدريين استقالاتهم فيما بعد، وحدوث اشتباكات أمام البرلمان، أسفرت عن العديد من الضحايا.

ويعول العراقيون على العطلة التشريعية التي ستنتهي مطلع العام المقبل، لعل وعسى تحدث خلالها انفراجة في الموقف المتأزم بين الأحزاب، ويحصل التوافق فيما بينها على شخصية معينة من السنة لشغل منصب رئيس البرلمان.

قد يعجبك ايضا