مفاوضات بقواعد جديدة في استانا وترامب أشعل عود ثقاب دون أن يمتلك خطة لإطفاء ناره

أستانة: مفاوضات بقواعد جديدة

إسرائيل باتت منخرطة بصورة أكبر في الصراع السوري، على أساس تحجيم نفوذ إيران في سوريا وإبعادها عن حدودها.
نشرت صحيفة العرب اللندنية مقالاً للكاتب الفلسطيني ماجد كيالي، عن التهرب من مقررات جنيف.
بدأت الجولة التاسعة من مفاوضات أستانة السورية (يومي 14 و15 مايو الجاري)، وهي مفاوضات تجري في حقيقة الأمر بين وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا، أي أن حضور وفدي النظام والمعارضة شكلي، ولا يقدّم ولا يؤخر، بل إن الاتفاقات التي تمخّضت عن الجولات الثماني الماضية، التي عقدت طوال العام الماضي، بخصوص مناطق خفض التصعيد كانت مجرد غطاء أو تورية، إذ لم يحدث خفض للقتال، ولم يتم الإفراج عن المعتقلين، كما لم يجر حل المسائل الإنسانية، وهي القضايا التي أخذتها الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) على عاتقها.
في العام الماضي حصلت تطورات مختلفة، على عكس ادعاءات الدول المنخرطة في مسار أستانة، إذ حدث مجرد إعادة رسم لخطوط القتال أو مناطق النفوذ، بين الدول الثلاث المذكورة، حيث تركيا في الشمال، وإيران وروسيا في الوسط من درعا إلى حلب مرورا بدمشق. ولعل التطور الأبرز في هذا المجال، يتمثّل بتموضع الولايات المتحدة، مع قوات فرنسية وبريطانية، في الشرق السوري، أو شرقي الفرات، إضافة إلى الجنوب، الذي تم تخصيص منطقة خفض توتر فيه، من خارج مسار أستانة، بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن، وإسرائيل ضمنا، وهي منطقة تشمل الحدود السورية الإسرائيلية، وتضم محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة. أيضا، فإن ما حدث بعد شق مسار أستانة، الذي جرى الإعداد له ليكون بديلا لمسار جنيف، كان تحجيم فصائل المعارضة السورية ونزع سلاحها، وتأمين منطقة دمشق العاصمة، بحيث بات النظام، بمعونة روسيا وميليشيات إيران، يسيطر على المنطقة الجنوبية وعلى الغوطة.
بيد أن الحديث عن أستانة يأتي خافتا هذه الأيام، عكس الضجيج الذي كان يصاحب أي جولة تفاوضية سابقا، حتى أن مقررات مؤتمر سوتشي، الذي عقد مطلع هذا العام، جرى وضعها جانبا، بل وصل الأمر حد استدعاء أو طلب انعقاد جولة تفاوضية جديدة في جنيف، على لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ذاته، قبل أيام، وهو أمر مفاجئ، ويتضمن محاولة روسية لتدارك الظروف الجديدة واستيعابها، وعدم ترك الأمور تفلت أكثر مما يجب.

ترامب أشعل عود ثقاب دون أن يمتلك خطة لإطفاء ناره

ونشرت صحيفة الغارديان مقالا لراشيل شابي اعتبرت فيه أن ترامب قد أشعل عود ثقاب في القدس حيث اندلعت النيران، لكنه في الوقت نفسه لا يمتلك خطة لإطفاء هذه النيران، مشيرة إلى أن أولى النتائج هي مقتل عشرات الفلسطينيين خلال الساعات الماضية.
ونشرت شابي صورة مركبة على رأس المقال جانبها الأيمن ينقل شطرا من حفل نقل السفارة تجلس فيه إيفانكا ترامب إلى جوار زوجها ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته وهم يصفقون في سعادة بالغة تصفها شابي بأنها مثل سعادة القط الذي حصل لتوه على كمية كبيرة من القشدة.
وفي الجانب الآخر من الصورة يظهر شاب فلسطيني في قطاع غزة وإلى جواره فتاة محجبة ترفع العلم الفلسطيني، بينما يرتدي الشاب كمامة ضد الدخان والنيران مشتعلة حوله وهو يركض خلال الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
وتقول شابي إن مبعوث السلام الأمريكي السابق في المنطقة، مارتن أنديك، لاحظ الفارق بين جانبي الصورة وعلق عليها قائلا “إنها لحظة حلاوة مريرة”.
“تزامن نقل السفارة مع يوم مرور سبعين سنة على إنشاء إسرائيل أو على النكبة كما يسميها العرب له رمزية واضحة” تقول الكاتبة مضيفة أن “ممارسات ترامب في الشرق الأوسط ليست ديبلوماسية ولكنها فقط مجرد إشعال متواصل للنيران في المنطقة التي ستدفع الثمن وستواجه تبعات ما يفعله ترامب”.

الخطوة النووية الأمريكية تمنح روسيا مكسبا قصير الأجل

تحت العنوان أعلاه، كتب إيغور سوبوتين، في “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، حول صعوبة أن تلعب روسيا دور الوسيط في النزاع المحتدم في الشرق الأوسط، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران.
وجاء في المقال: إيران والوسطاء الدوليون الذين أبرموا معها اتفاقا على برنامجها النووي في العام 2015، يحاولون إيجاد طريق للحفاظ على الاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة بصورة أحادية منه. وفي أوساط الخبرة الأمريكية قالوا لـ”نيزافيسيمايا غازيتا”، إن انسحب واشنطن يعطي لموسكو ميزة، ولكنهم يدعون روسيا إلى عدم نسيان المخاطر الكبرى المترتبة على ذلك.
في الصدد، قال مدير برنامج القضايا الروسية في مركز بيلفيروف للعلوم والعلاقات الدولية بمعهد هارفارد، سيمون ساراجيان ، لـ”نيزافيسيمايا غازيتا”: “قرار ترامب، يجعل الوضع خطرا على روسيا، فهو يزيد من احتمال أن تمضي الولايات المتحدة وحلفاؤها (إسرائيل مثلا) إلى حرب ضد إيران.. إضافة إلى فرص الحرب المتزايدة في المنطقة التي يمكن أن تزعزع استقرارها وتؤثر سلباً على روسيا. قرار ترامب يخلق سبباً إضافيا للاستياء المتبادل بين الكرملين والبيت الأبيض”.
وأضاف ساراجيان، في الإجابة عن سؤال عما إذا كان لروسيا أن تلعب دور حفظ السلام في هذه الأزمة:
“الصفقة السابقة، تطلبت كثيرا من الوقت للمفاوضات وكثيرا من التنازلات، لذا أعتقد بعدم وجود رغبة لدى طهران في إجراء حوار حول اتفاقية جديدة. وبالتالي، فلا يمكن لروسيا أن تكون وسيطًا في مفاوضات، لن يرغب الإيرانيون ببساطة في البدء بها، على المدى القصير على الأقل. ومع ذلك، إذا زاد التوتر بين واشنطن وطهران إلى درجة أن يكون هناك احتمال حقيقي للحرب بين الجانبين، فمن الناحية النظرية يمكن افتراض أن تحاول روسيا التدخل كوسيط لتخفيف التصعيد…إلا أن هناك بعض الفوائد التي يمكن لروسيا أن تجنيها من قرار ترامب، ذلك أن هذه الأحداث ترفع من سعر النفط”.
فيما ترى المحللة الأمريكية في مركز الأبحاث الاستراتيجية والدولية، أولغا أوليكير، أن “قرار الولايات المتحدة الخروج من الصفقة مع إيران مكسب لروسيا على المدى القصير، لأن ذلك ينسجم تماما مع طرح روسيا بأن الولايات المتحدة وليس روسيا هي الدولة المتذبذة وغير الوفية. وإذا لم تتمكن الدول الأخرى من الحفاظ على الاتفاقية بجهودها المشتركة فذلك يزيد من احتمال أن تصبح إيران دولة نووية”.
ولكن أوليكير لا ترى إمكانية أن تلعب روسيا دور الوسيط في الأزمة الراهنة، فتقول: “تاريخيا، كان من العصب جدا على روسيا بمفردها إقناع إيران بفعل شيء ما. فمن أجل ذلك لا بد من عصا وجزرة بلدان أخرى”.

قد يعجبك ايضا