أوضاعٌ مزرية تشهدها عدة مناطقَ بسوريا… هذا البلد المميز بتنوع أطيافه، وما يزيد الطين بلّةً هو تصاعُدُ حوادث الفلتان الأمني والانتهاكات، التي تمارسها قوات الأمن التابعة للإدارة السورية المؤقتة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق الكثير من هذه الحوادث والجرائم، واعتبرها انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ما يزيد من حدة التوترات في بلدٍ متعددِ الأعراق والطوائف والديانات.
وبحسب المرصد، فقد قُتل عشرات الأشخاص معظمهم من الطائفة العلوية بحوادث فوضى، وعملياتِ اقتحامٍ أو تحت التعذيب، وهو ما وصفته الإدارة السورية بحالاتٍ فردية، لكن المرصد أكد بأن العديد منها يتجاوز التصرفات الفردية، سيما وأن مَن يقومون بها محسوبون على الإدارة السورية المؤقتة.
وبشكلٍ تفصيليٍّ أدق، أوضح المرصد السوري أنه منذ مطلع العام الحالي، قُتل أكثرُ من مئتين وخمسةٍ وعشرين شخصاً بجرائمَ انتقاميةٍ وتصفية، بينهم ستُّ نساءٍ وطفل، مشيراً إلى أن عمليات القتل تلك تركزت في محافظات حمص بالدرجة الأولى، تليها حماة ثم ريف دمشق، وخلفية مُعظمِها هي الانتماء الطائفي.
أما فيما يخص الاعتقالات، فقد وثّق المرصد السوري عشرات الحوادث، التي أضافها لسلسلة انتهاكاتِ الإدارة السورية المؤقتة، كان أبرزها قيام قوات الأمن مؤخراً باعتقال ثلاثة مواطنين كُرد واقتيادهم إلى جهةٍ مجهولة، تحت ذرائعَ وصفها بالواهية، سيما وأن حوادث كهذه باتت تعكس سياسةً ممنهجةً ضد مكوناتٍ بعينها على أساس الهوية.
وكان المرصد قد وثق في تقاريرَ سابقةٍ عدةَ حالاتٍ تم فيها اعتقالُ أو مضايقة مواطنين كُرد، بسبب تعبيرهم عن هويتهم الثقافية أو حيازتهم لموادَّ تُعبّر عن ثقافتهم، معتبراً أن مثل هذه الممارسات يمكن أن تؤدي إلى حالةٍ من عدم الثقة بين المكونات المختلفة للمجتمع السوري، وبالتالي إعاقة أي جهودٍ وطنية لإعادة بناء النسيج الاجتماعي في البلاد.
وأمام كل تلك التطورات المتسارعة، يرى مراقبون ضرورةً قصوى لتدخل الجهات الدولية والإقليمية، لضمان حماية جميع المواطنين بغضِّ النظر عن انتماءاتهم، كما يتعين على المجتمع الدولي والمنظمات المعنية، تكثيف جهودها للضغط على الجهات المسؤولة، لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها، بهدف تحقيق العدالة في سوريا الجديدة، وفي حال عدم توفر ذلك، فإن البلاد تتجه مجددًا لعقودِ الظلام إبّان حكم آل الأسد.