مساعي تغيير الشرق الأوسط بين صراع المصالح وتحديات المستقبل ( خاص )

تعقيدٌ متزايد تشهده منطقة الشرق الأوسط، بفعل صراعاتٍ جيوسياسية متشابكة، حيث تواصل “القِوى العُظمى” بقيادة الولايات المتحدة وعبر حليفتها الرئيسية إسرائيل، العملَ على إعادة تشكيل المنطقة، وفقًاً لأجندةٍ ورؤيةٍ خاصةٍ بها، فيما تواجه إيران، التي تُقدّم نفسَها كمناهضٍ لهذه التحركات، تحدياتٍ داخليةً وخارجيةً تزيد من الضغط عليها، وتفرض إعادة تشكيلٍ لتوازن القوى في المنطقة.

ومن أبرز سمات التصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران، هو تزايد الضربات التي توجّهها تل أبيب لطهران ووكلائها في المنطقة، وبالتحديد في لبنان وسوريا واليمن، الأمر الذي ربما يؤدي إلى حروبٍ أشمل، قد تُضعِف البنى التحتية والقدرات

العسكرية للطرفين، لكن المؤكد بأنها ستعمق المعاناة الإنسانية سيما في المناطق التي تشهد عمليات قصفٍ متواصلٍ كغزة ولبنان، إذ يعيش السكان في حالةٍ من الانهيار الإنساني والاقتصادي.

وبالنظر لتداعيات هذا الصراع، يرى مراقبون أنه من المحتمل أن يبقى الوضعُ الراهن قائمًا، مع استمرار المواجهات المحدودة التي تُبقي الأطرافَ مُنشغلة، دون انزلاقٍ نحو حربٍ شاملة، لافتين إلى أن هذا السيناريو قد يتيح للقوى الكبرى وقتًا أطول، لترسيخ أهدافها، دون تصعيدٍ خطير.

أما من ناحية التسوية السياسية، وعلى الرغم من ضآلة الفرصة لتحقيقها، إلا أن التغيُّرَ المحتمل في قيادات واشنطن، سيما مع عودة دونالد ترامب للرئاسة، قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على إيران، للقبول بشروطٍ أمريكيةٍ تشمل مراجعة برنامجها النووي وكبح نفوذها الإقليمي، وفي حال استجابت إيران لمطالب كهذه، فإن من شأن ذلك أن يفتح الطريق نحو ترتيباتٍ جديدة، قد تتضمن تهدئةً إقليمية، لكنها ستكون مُكلفةً لإيران سياسيًا واستراتيجياً، بحسب المراقبين.

وبالانتقال للأهداف التي تسعى الدول الكُبرى لتحقيقها، كشفت تقاريرُ أن ذلك يتطلب استقرارًا نسبيًا، وهو ما يبدو بعيدَ المنال، مع استمرار الصراعات وتفاقم الانقسامات، وذلك بغض النظر عن المكاسب التكتيكية التي تحققها إسرائيل في المنطقة، إذ إن غياب الحلول الدائمة للصراعات الناشبة، وما يتخللها من معاناةٍ إنسانية، سيبقى عائقاً أمام نجاح تلك القوى، في إعادة تشكيل المنطقة، ما يتطلب منها التوصل إلى توافقٍ يوازن بين المصالح المتضاربة.

وبالتالي فإنه كلما طال أمد الصراعات، تعمّقت الانقسامات، لا سيما في المجتمعات العربية، الأمر الذي يمهّد الطريقَ لظهور لاعبين جُدُد، على الساحة السياسية، ما يعني بأن الشرق الأوسط يواجه فعلياً سيناريوهاتٍ مُعقدة، تتراوح بين التصعيد العسكري والتسويات السياسية الصعبة، والخاسر الأكبر من كل ذلك هي شعوب المنطقة.