لاستكشاف القدرات والمطالب.. واشنطن وطهران تجريان محادثات وصفت بالإيجابية (خاص)
في أعقاب التحولات الجذرية في الشرق الأوسط الناجمة عن الحرب في قطاع غزة ولبنان واليمن وسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، شهدت الأيام الماضية تطوراً هاماً في مسار العلاقات الأمريكية الإيرانية، حيث عُقدت الجولة الأولى من المحادثات بين واشنطن وطهران في سلطنة عُمان.
تأتي هذه المحادثات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتعقيدات الملف النووي الإيراني، ما يضفي عليها أهميةً خاصة وسط تساؤلاتٍ حول نتائجها المحتملة وتأثيرها على استقرار المنطقة.
مصادر إيرانية وصفت المحادثات بأنها “غير مباشرة” في البداية، إذ تمَّ تبادل الرسائل عبر وسيطٍ عُماني. إلا أنه في نهاية الجولة، جرى لقاءٌ مباشر ووجيز بين رئيسي الوفدين.
المحادثات التي وصفت بأنها “إيجابية وبناءة” من قبل الطرفين، مع وجود إرادةٍ لدى الجانبين للتوصل إلى حل، أشارت تقارير إعلامية إلى أنها ركزت بشكل أساسي على الملف النووي الإيراني وسبل الحد من برنامج طهران النووي المتسارع مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وإمكانية تبادل الأسرى.
الجولة الأولى من المحادثات أفضت إلى اتفاق على عقد جولة أخرى في العاصمة الإيطالية روما، السبت المقبل، ما يشير إلى استمرار المساعي الدولية في ظل توترات إقليمية ودولية.
واعتبر مراقبون هذه المفاوضات التي استمرت أكثر من ساعتين ونصف بمثابة مسار استكشاف لقدرات ومطالب الجانبين واختبار لجدية واشنطن في إيجاد حلٍّ لأزمة الملف النووي الإيراني دون المساس بسيادة طهران، وخطوة أولى نحو تقارب محتمل بين الطرفين في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية.
ووفقَ المراقبين قد يتمُّ التوصل إلى اتفاقٍ مرحلي أو محدود يقتصر على تجميد بعض جوانب البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيفٍ جزئي ومؤقت للعقوبات. حيث يهدف هذا السيناريو إلى كسب الوقت وتجنب التصعيد دون معالجةٍ جذرية للخلافات.
وقد تسعى الأطراف إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع إدخال بعض التعديلات التي تستجيب لمخاوف الولايات المتحدة وإيران.
ويرى محللون أنه في حال عدم إحراز تقدمٍّ ملموس في المحادثات، قد تفشل الجهود الدبلوماسية، ما يزيد من احتمالات التصعيد والمواجهة العسكرية، خاصةً في ظل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستخدام القوة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وعلى الرغم من صعوبة تحقيقه في المدى القصير، يظل التوصل إلى اتفاقٍ شامل يتناول كافة القضايا الخلافية، بما في ذلك البرنامج النووي والصواريخ الباليستية ودور إيران الإقليمي، هدفاً بعيد المدى.
ووفق المراقبين تمثّلُ الجولة الأولى من المحادثات الأمريكية الإيرانية، خطوةً أولى وهامة نحو محاولة تخفيف التوترات ومعالجة الملف النووي. إلا أن الطريق لا يزال طويلاً وشائكاً، وأن النتائج النهائية للمحادثات التي يبدو أنها غير مضمونة، سيكون لها انعكاساتٌ كبيرة على استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط بأسرها.