في عالمٍ يشتعل بالتحديات والتحولات، تبرز أهمية القوانين كأداةٍ رئيسةٍ لتحقيق العدالة والمساواة، ففي شمال وشرق سوريا، استطاعت الإدارة الذاتية أن تقدم نموذجًا قانونيًا يتّسم بالحداثة والإنسانية، واضعةً المساواة بين الجنسين واحترام التنوع الثقافي في قلب مشروعها القانوني. وبالمقارنةِ مع قوانين الإدارة السورية المؤقتة، يبدو أن الإدارة الذاتية قد قطعت شوطًا طويلًا في بناء مجتمعٍ يسوده الانسجام والعدالة، وفق مراقبين.
القوانين التي وضعتها الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا، تعد مثالًا يحتذى في تعزيز المساواة بين الجنسين. فقد أدرجت النساءَ كشركاء حقيقيين في صنع القرار، وأقرّت قوانيَن تضمن تمثيل المرأة في المناصب القيادية كافة، بالإضافة إلى ذلك، جُرّم العنف القائم على النوع الاجتماعي، مما يعكس التزام الإدارة الذاتية بحماية حقوق المرأة وتعزيز دورها في المجتمع.
هذا التوجه لم يقف عند حدود المساواة بين الجنسين، بل شمل احترام التنوع الثقافي والديني في المنطقة، فالإدارة الذاتية أصدرت قوانين تحترم حقوق جميع المكونات، مما أتاح لهذه المكونات فرصة التعبير عن هوياتها الثقافية واللغوية بحريةٍ تامة، هذه القوانين ساهمت في خلق بيئةٍ من التعايش السلمي، يُشعر الجميع بأنهم جزءٌ من النسيج الاجتماعي.
على الجانب الآخر، تتسم القوانين التي اعتمدتها الإدارة السورية المؤقتة بنهجٍ تقليدي، يفتقر إلى روح التجديد التي تتطلبها المرحلة، إذ لا تزال هذه القوانين تحصر دورَ المرأة في أُطُرٍ تقليدية، مع محدودية التشريعات التي تحميها من العنف أو تضمن لها المشاركة السياسية العادلة، كما أن السياسات المتبعة تجاه التنوع الثقافي تبدو غيرَ كافيةٍ لتعزيز الانسجام المجتمعي، في ظل التعددية التي تزخر بها سوريا.
هذا، ويظهر النموذج القانوني الذي تتبناه الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا تفوقًا من حيث المساواة واحترام المكونات المختلفة. فهو نموذجٌ يبعث برسالةٍ واضحة، بأن المستقبل لا يمكن بناؤه إلا من خلال العدالة والاحترام المتبادل. في المقابل، يحتاج الإطار القانوني للإدارة السورية المؤقتة إلى مراجعاتٍ جذرية، إذا ما أراد أن يكون على قَدَرِ تطلعات الشعب السوري في الحرية والعدالة.