قرارات هيئة تحرير الشام تعمق آثار الأزمة الاقتصادية على السوريين

منذ تولي هيئة تحرير الشام زمام الحكم في سوريا، منذ الثامن من الشهر المنصرم، باتت قراراتها تحت الضوء على عكس ما كانت عليه إبان سيطرتها على أجزاء كبيرةٍ من محافظة إدلب شمالي غربي البلاد.

قراراتٌ وصف بعضُها بأنها بعيدةٌ عن الواقع ولا تراعي الواقع الاقتصادي المتردي لملايين السوريين، فبعد الزيادة الكبيرة في سعر الخبز وكذلك المحروقات، والتي تؤثر بدورها على أسعار كافة المواد دون استثناء، كانت قرارات رفع جمركة دخول البضائع إلى سوريا، كارثةً كبيرة، قابلها سوريون بسخطٍ كبير.

وكانت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في إدارة هيئة تحرير الشام، قد أصدرت نشرة الرسوم الجمركية الموحدة التي ستطبق على جميع الأمانات الجمركية في البلاد.

وشملت النشرة رسوماً على المواد الغذائية المستوردة كالدقيق والزيوت بأنواعها، والمعلبات الغذائية واللحوم، وبعض أنواع الخضار والفواكه، إلى جانب المحروقات، والمواد الأولية اللازمة للبناء كالأسمنت والآجر والأخشاب، بالإضافة للهواتف المحمولة وغيرها من السلع المستوردة.

عددٌ من التجار والصناعيين في مناطقَ متفرقةٍ من البلاد، دعوا عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إضرابٍ عامٍّ عقب إصدار النشرة الجمركية، التي سترفع بحسب التجار والصناعيين من أسعار أغلب المواد المستوردة من الخارج، بما في ذلك المواد الأولية اللازمة للصناعة، مما سيزيد من كلف الإنتاج، وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار معظم السلع في الأسواق، في حين يعاني المواطنون من ضعفٍ كبيرٍ في القدرة الشرائية.

ونقلت وكالة سانا الرسمية عن مسؤولين في هيئة تحرير الشام، أن النشرة الجمركية الجديدة تهدف إلى دعم القطاع الصناعي، وجذب الاستثمار، حسب وصفهم، وذلك من خلال تقديم إعفاءاتٍ للمستثمرين وأصحاب المعامل، الذين غادروا البلاد بسبب ظروف الحرب، لكي يعودوا باستثماراتهم إلى البلاد، أو يدخلوا معامل جديدة متكاملة.

مواقع التواصل الاجتماعي كانت الساحة الأمثل بالنسبة للسوريين للتعبير عن امتعاضهم من القرار، وطالبوا الهيئة بالتراجع عن القرار، أو بالتراجع عن فرض رسومٍ جمركيةٍ على المحروقات، وبعض المواد الاستهلاكية والغذائية، وبعض المواد الأولية.

خبراءُ اقتصاديون أكدوا أن التجار والصناعيين محقون في مطالبهم، فجمع رسوم هذه المواد سيؤدي إلى رفع سعر المنتج، وبذلك يصبح المواطن غيرَ قادرٍ حتى على شراء المنتج المحلي مع انهيار القدرة الشرائية لراتبه، الذي وعدت الهيئة بزيادته 400 بالمئة ابتداءً من شباط/ فبراير المقبل.

وأشار الخبراء إلى أن خطوة رفع الرواتب يجب أن تتزامن مع خطة إعادة هيكلةٍ للاقتصاد، وشددوا على تناسب الدخل مع تكاليف المعيشة، بمعنى ربط راتب الموظف بسلةٍ غذائيةٍ معينة، فبدون ربط قيمة راتب الموظف بتأمين احتياجاتٍ معينة، لا يمكن الوصول لمرحلةٍ يكتفي فيها الموظف من راتبه.

فكيف ستدير الهيئة الاقتصاد السوري المتهالك من سنوات الحرب، وكيف ستمضي في سبيل إنعاشه، دون أن تُثقل كاهل السوريين المتعبين؟