في سوريا واشنطن تعيد حساباتها لتحديد المستفيدين من مساعداتها فيما أمريكا وروسيا فقدتا الاهتمام بمباحثات أستانا

واشنطن تجري فرزا لتحديد قائمة المستفيدين من مساعداتها في سوريا

العرب اللندنية- تعمل الولايات المتحدة على ترتيب دورها في سوريا بشكل واضح بعد أن تراجعت عن فكرة الانسحاب التي طرحها الرئيس دونالد ترامب، وتحديد قائمة حلفائها المشمولين بالدعم، والتوقف عن توجيه المساعدات لأطراف أخرى موالية لدول إقليمية مثل تركيا، أو تلك التي تمثل امتدادا فكريا وسياسيا لتنظيم داعش وجبهة النصرة.
وقال مسؤولون أميركيون مطلعون إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتزم سحب مساعداتها من شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة فصائل إسلامية وتريد التركيز على جهود إعادة إعمار المناطق التي استعادتها القوات التي تقودها الولايات المتحدة من تنظيم داعش.
وأوردت شبكة سي.بي.أس الإخبارية أن الإدارة ستخفض عشرات الملايين من الدولارات من الجهود السابقة المدعومة من الولايات المتحدة “للتصدي للتطرف العنيف ودعم المنظمات ووسائل الإعلام المستقلة ودعم التعليم”.
لكنّ مسؤولين أميركيين كشفوا لوكالة رويترز أن المساعدات الإنسانية لن تتأثر في الشمال الغربي حول محافظة إدلب وهي أكبر مساحة من الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة بما في ذلك الفرع السابق لتنظيم القاعدة.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية “جرى تحرير برامج المساعدات الأميركية في شمال غرب سوريا لتقديم دعم متزايد محتمل للأولويات في هذه المنطقة”. واعتبر مسؤول ثان أن الإدارة تعتقد أنها تريد نقل المساعدة إلى مناطق تخضع لسيطرة أكبر للولايات المتحدة.
ويعتقد محللون أن القرار الذي يقضي بوقف المساعدات عن المناطق التي تقع خارج دائرة التعاون الوثيق مع واشنطن يأتي في سياق استراتيجية جديدة خلفت خطة ترامب للانسحاب من سوريا، لافتين إلى أن الهدف هو حصر مجال صرف تلك المساعدات، والقيام بفرز لقائمة الحلفاء والخصوم في المشهد السوري.
وأشار المحللون إلى أن إدارة ترامب تريد تقديم دعم أشمل وأكثر تأثيرا للمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بمقابل التخلي عن دعم مناطق مصنفة في خانة أعداء الولايات المتحدة حتى وإن كانت الفصائل التي تسيطر عليها معارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفتوا إلى أن هدف الخطوة الأميركية هو توجيه رسائل قوية لأنقرة بأن واشنطن لا يمكن أن تقدم الدعم السخي لمنظمات وجماعات تعمل بالوكالة لفائدة تركيا واستراتيجيتها في التمدد للسيطرة على مواقع تحت نفوذ الأكراد، معتقدين أن وقف المساعدات يهدف إلى فرز قائمة الأصدقاء ودفع جماعات متذبذبة إلى حسم أمرها.
ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد من الضغوط على تركيا التي ستكون مجبرة على أن تزيد من مساعداتها للتحكم بوضع تلك المناطق كونها محسوبة عليها، وتدير فيها الكثير من مناطق خفض التوتر بالتنسيق مع روسيا وإيران.
وواضح أن وقف المساعدات لحلفاء أنقرة هو رسالة أميركية قوية ردا على التصريحات التركية الملوحة بالمواجهة في منبج ومحيطها بالرغم من معرفة تركيا بأن الولايات المتحدة لن تسمح باستهداف جنودها أو حلفائها تحت أي مسوغ.

ترتيبات لـ”دفن” أستانا”

“روسيا وأمريكا فقدتا الاهتمام بمباحثات أستانا”، عنوان مقال إيغور سوبوتين، في “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، عن أسباب مقاطعة واشنطن للقاء أستانا حول التسوية السورية، وما هو البديل.
وجاء في المقال: للمرة الأولى توضح الولايات المتحدة بالتفصيل أسباب مقاطعتها للجولة التاسعة من المحادثات السورية في أستانا، والتي عقدت هذا الأسبوع. فقد وصف مصدر “نيزافيسيمايا غازيتا” في الخارجية الأمريكية المنصة التي شكلتها روسيا وتركيا وإيران، بمحاولة لتحويل الانتباه عن مشاكل أكثر خطورة.
قال المصدر في إجابته عن سؤال حول أسباب مقاطعة اجتماع أستانا: “لقد رأينا ما يكفي من سلوك روسيا وإيران للاعتقاد بأنهما لا يقدمان أي مساهمة جدية لإنهاء العنف المستمر. نعتقد، بحزم وبالاتفاق مع المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا، بأن “جنيف” هي الطريق الوحيد للتقدم نحو تسوية سلمية وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. جميع القنوات الأخرى لصرف الانتباه”.
فيما تقول روسيا إنها تعتزم تطبيق نتائج أستانا في إطار مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري.. وقال الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، رئيس الوفد الروسي في المحادثات في أستانا، ألكسندر لافرينتيف: “نحن، الدول الضامنة، وافقنا على عقد الاجتماع القادم في سوتشي.. فسوتشي، في هذه المرحلة يلبي معظم متطلبات اليوم”.
في أوساط الخبراء، يرون في كلمات لافرينتيف دلالة على نية روسيا الاستغناء عن أستانا بوصفها منصة استنفذت نفسها، ولكن نحو سوتشي. وفي الصدد، قال مدير مركز الأبحاث الإسلامية بمعهد التنمية الابتكارية، الخبير بمجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيمونوف، لـ”نيزافيسمايا غازيتا”: “حقيقة أنهم يريدون نقل عملية التفاوض إلى سوتشي، وربما حتى استبدال “جنيف” بها، لا تثير أسئلة. المشكلة هي من سيوافق على ذلك. الأسد يقاطع “جنيف” بين الحين والآخر، لأنها لم تعد ضرورية: فهو بحاجة إلى إنهاء المعارضة، لا الاتفاق معها”.
ويرى سيمونوف أن “صيغة جنيف” بعكس “سوتشي” ليس فيها ثغرات تسمح للمندوبين الحكوميين وشركائهم بفرض أجندتهم. وسوتشي لن يكون لها تأثير، فعلى الرغم من مشاركة دي ميستورا، لن يتم وضعها تحت رعاية الأمم المتحدة. ولذلك، فمبادرة السلام الروسية قد تواجه منافسة. لا يستبعد أن تشكل الولايات المتحدة منصة أخرى بمشاركة دول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي.

قد يعجبك ايضا