في الذكرى الـ 11 للأزمة.. التسوية السياسية تواصل سباتها والمجاعة تهدد السوريين

عامٌ جديد يمضي على بدء الحراك الشعبي في سوريا، والذي تحول لاحقاً، بفعل قمع الحكومة السورية ومصالح الدول الإقليمية، من المطالب المحقة إلى صراع مسلح، ولّد أزمةً وحرباً، لا تزال تداعياتها تصعّد من معاناة السوريين بجميع مكوناتهم، حتى باتوا يقفون على اعتاب المجاعة، في ظل غياب المساعدات الإنسانية الدولية، التي أصبحت حكراً للحكومة السورية في دمشق، دون غيرها، ما جعلها وسيلةً للابتزاز السياسي، بحسب مراقبين.

العام الحادي عشر للأزمة السورية، جاء كغيره من السنوات العشر الماضية، دون أي بارقة أمل لإيجاد تسوية سياسية من شأنها أن تخفف معاناة السوريين، سيما مع استمرار تعنّت الحكومة في اتباع الحل الأمني وتجاهل الأطراف الديمقراطية من جهة، وارتهان ما تسمى المعارضة للنظام التركي ومشاركته بقتل وتهجير أبناء الشعب السوري من جهة ثانية.

القتل والتهجير كلمتان لم تفارقا الواقع في سوريا خلال سنوات الحرب، بحسب إحصائيات للأمم المتحدة، والتي وثقت مقتل مئات آلاف السوريين، وتشريد أكثر من أحد عشر مليوناً آخرين داخل البلاد وخارجها.

المرصد السوري لحقوق الإنسان أوضح بدوره، أنّ ما يزيد على ثلاثة آلاف وثمانمئة شخص لقوا حتفهم، خلال العام ألفين وواحد وعشرين فقط، بينهم ألفٌ وخمسمئة وثمان وخمسون مدنياً، كأقل حصيلة سنوية منذ اندلاع الأزمة، داعياً الأطراف الدولية للعمل، من أجل وقف نزيف دم أبناء الشعب السوري.

ورغم انخفاض معدلات القتل نوعاً ما بالمقارنة مع الأعوام الماضية، إلا أنّ الأراضي السورية وخاصة تلك الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، شهدت تدهوراً غير مسبوق في الأوضاع المعيشية، تمثل بارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، ما تسبب بموجات هجرة كبيرة وانتشار للظواهر والمشكلات الاجتماعية، بما فيها عمالة الأطفال.

 

ناشطون في حقوق الإنسان حمّلوا الحكومة هذه الأوضاع من الناحية القانونية، فيما قال خبراء اقتصاد إنّ إصرار دمشق على الحل الأمني العسكري ضد الشعب السوري، هو السبب الرئيس للتدهور الاقتصادي والمعيشي في البلاد، مما جعل أكثر من تسعين في المئة من السوريين في الداخل، يعيشون تحت خط الفقر، بحسب إحصاءات أممية.

مراقبون للشأن الدولي، اعتبروا استمرارَ الأزمة السورية حتى اليوم، استكمالاً لحرب المصالح على الميدان السوري من قبل الأطراف المنخرطة في الصراع، بما فيها الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا، وسط تحذيرات متصاعدة من مخاطر استمرار الوضع الراهن في البلاد لسنوات أخرى.

إلا أنّ سنوات الحرب الطويلة في سوريا ورغم مآسيها، أثمرت عن ولادة مشروع ديمقراطي فريد في مناطق شمال وشرق سوريا، متمثلاً بالإدارة الذاتية، الغائب الحاضر في الملف السوري – والذي يُعتبر بحسب متابعين، أبرز نموذج ديمقراطي يمكن تطبيقه كحل مستقبلي في البلاد، بما يضمن حقوق جميع السوريين.

ولعل الاستقرار الاقتصادي والمعيشي والأمني، الذي تشهده مناطق شمال وشرق سوريا مقارنة مع المناطق الأخرى في البلاد، خلال أعوام الحرب، أكبر دليل على نجاح مشروع الإدارة الذاتية، الهادف إلى دولة ديمقراطية لامركزية تحفظ حقوق السكان في ظل بلاد موحدة ذات سيادة.

قد يعجبك ايضا