دماثة أخلاقه ورحابة صدره وحبه للآخر أياً كان لونه أو عرقه أو مذهبه أهّلته لنيل محبة جماهيرية مجتمعية من مختلف مكونات الشعب في منطقته.
عُرف بالشخصية السياسية والثقافية والاجتماعية ضمن نسيج المجتمع الكردي في شمال وشرق سوريا؛ وكان المرجع وبوصلة التوجيه على مستوى عائلته الصغيرة والكبيرة.
عيسى حسو، مناضل كردي من مواليد 1954، نشأ وترعرع في قرية كرباوي/ أبو راسين التابعة لمدينة قامشلي شمال شرق سوريا ينحدر من عائلة عُرفت بودها ووطنيتها ومصداقيتها بين الوسط المحيط.
الفكر السياسي لعيسى حسو بدأ مع تأثره بأفكار الشخصية الوطنية الكردية أوصمان صبري، أما ملامح شخصيته السياسية الكردية فتبلورت تدريجياً مع تأثره بالفكر الماركسي اللينيني خلال معاصرته لمراحل حملت طابع الإقطاعية والبرجوازية في سوريا بمرحلة شبابه المبكرة.
بحكم نشأته الدينية كان لحسو أيضاً علاقات مع التيارات الدينية الموجودة في المنطقة وخاصة الطرق الصوفية، فبحسب صالح مسلم رفيقه في حزب الاتحاد الديمقراطي، كانت ثقافة المناضل حسو متعددة ـ شعبية.. صوفية.. وطنية ـ لها اتجاهات كثيرة.
خلال سنين دراسته انخرط عيسى حسو بالأحزاب والتيارات السياسية التي كانت موجودة حينها وخاصة تيار البارتي، لما كان للثورة الكردية في إقليم كردستان تأثير كبير جداً على الشباب الكردي في المنطقة، على حد قول مسلم.
منذ العام 1999 تعرّف مسلم على عيسى حسو، وقرر النقاش معه لتوحيد رؤاهم السياسية خدمة للشعب الكردي في سوريا، وتوظيف علاقاته الواسعة مع مكونات المنطقة لبناء الجسور وترميمها بين الشعوب على نطاقات متعددة عبر برنامج حراكهم السياسي.
لعيسى حسو عشرة أولاد انتسب اثنان منهم إلى صفوف نضال حركة التحرر الكردستانية وفقد أحدهما حياته على يد جيش النظام التركي عام 2006 إثر اشتباك، فسعى والده حينها لنقل جثمان ولده إلى مسقط رأسه؛ حيث استقبل الجثمان ـ بُحكم شعبية واحترام الناس لوالده ـ حشود كبيرة من مختلف المكونات في المنطقة، رافقته حتى وري الثرى.
يشيد رفاق حسو في حزب الاتحاد الديمقراطي بميزاته الفريدة الاستثنائية، فرغم حبه الكبير لهم كان شديد الانتقاد لهم أيضاً، فكانوا يستقبلون انتقاداته برحابة صدر بحكم معرفتهم بمصداقيته واستقامته وكلامه النابع عن قناعاته بضرورة الالتزام بالمبادئ والرجوع إليها.
هذا، وكان لعيسى حسو دورٌ بارز في تهدئة الأوضاع خلال انتفاضة الثاني عشر من آذار الكردية في مدينة قامشلي، إذ سارع بالتواصل مع جميع رفاقه لمنع إشعال فتنة عربية كردية ومحاولة تسوية الأمور حقناً للدماء.
في انتفاضة الثاني عشر من آذار الكردية ألفين وأربعة انكشف بشكل كبير ثقل شخصية عيسى حسو الوطنية لاستخبارات السلطات خاصة كونه عضواً مؤسساً في حزب الاتحاد الديمقراطي، فلم تخل مسيرته من الاعتقالات المتعددة واستخدام أساليب الترهيب والتعذيب لتحييده عن نضاله وتقليص نشاطه.
رغم الضغوطات التي مارستها الاستخبارات على حسو إلا أنه كان يعود بعد كل اعتقال بعزيمة ودافع كبيرين، فكان يشهر عن نضاله الوطني بفخر ويستقبل الوفود السياسية الكردية المناضلة في بيته رغم حظر سلطات البعث لأسمائها فيقدم لهم حسن الضيافة، ويخصص نسبة كبيرة من دخله حصة لنشاطات الحزب.
مع انطلاق ثورة التاسع عشر من تموز ألفين واثني عشر في شمال وشرق سوريا بدأت آمال عيسى حسو بالتحقق، لكن أعداء الحراك الثوري تعددوا آنذاك سواء سلطات البعث أو الفصائل الإرهابية المدعومة من تركيا أو الاستخبارات التركية في المنطقة، وباعتبار حسو أحد محركات ديناميك الثورة تم التخطيط لاغتياله.
في صباح الثلاثين من تموز يوليو من عام ألفين وثلاثة عشر فُجع جيران حسو في حي الكورنيش بمدينة قامشلي بنبأ انفجار سيارته واغتيال المناضل عيسى حسو على إثره، وانتقاماً له أعلنت وحدات حماية الشعب المتشكلة آنذاك النفير العام لمقاومة كل أعداء الحراك الثوري ومنعهم من استهداف المناضلين والعبث بسلام المنطقة.
يستلم اليوم رئاسة العلاقات العامة في حزب الاتحاد الديمقراطي التي كان مسؤولاً عنها عيسى حسو رفيقه سيهانوك ديبو الذي يُعرب عن فخره بذلك معاهداً نفسه بتحمل المسؤوليات الواقعة على عاتقه لتحقيق أهدافهم الحزبية.
عائلة عيسى حسو كانت على دراية بأن طريق النضال الذي اختاره الوالد سيعرضه لمحاولات اغتيال، وهو بدوره كان على يقين بذلك فأوصى أسرته وأبناءه تحديداً بالتزام نهجه والسعي نحو إنجاح الحراك الثوري للمنطقة بما يخدم أهداف التعايش السلمي وأخوة الشعوب.