أنقرة ودمشق: علاقات في الخفاء ونفي في العلن

لم يكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يصل إلى بلاده، عقب سلسلة لقاءات مطولة في دمشق وأنقرة، حتى خرج المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ليدلي بتصريحات يفنّد فيها أن تكون زيارة ظريف قد تطرقت إلى مسألة إعادة العلاقات إلى مسارها السابق بين نظامي أردوغان والأسد.

لكن المثير في الأمر، وما يدعو إلى التساؤل، هو لماذا لم يأتِ هذا النفي مباشرة من وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال المؤتمر الصحفي المشترك، مع نظيره الإيراني، في أنقرة، والذي كشف فيه الأخير عن وجود وساطة لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق.

إذاً، ليس هناك ما يدعو إلى تصديق تصريحات قالن، بأنه ما من محاولات لإعادة المياه إلى مجاريها، بين النظامين التركي والسوري، ليس فقط بناء على ما سبق، بل لأن أردوغان نفسه كشف في الثالث من شباط فبراير الماضي عن وجود علاقات على المستوى الاستخباراتي بين نظامي البلدين.

وكان سبق إعلان أردوغان هذا نشر تقارير إعلامية كشفت عن قيام وفد أمني رفيع في النظام السوري، برئاسة رئيس ما يسمى مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، بزيارة إلى تركيا، ولقائه مسؤولين استخباراتيين أتراكاً في الأول من كانون الأول ديسمبر الماضي.

هذا اللقاء لم يكن الأول من نوعه، فهناك لقاءات سرية أخرى بين وفود حكومية في النظامين التركي والسوري، جرت في العاصمة الإيرانية طهران، وعلى ست فترات مختلفة، بطلب مباشر من أردوغان، بحسب ما كشف عنه رئيس حزب الوطن التركي دوغو برنتشيك في الثامن عشر من نوفمبر تشرين الثاني المنصرم.

مع اندلاع الأزمة السورية تدهورت العلاقات بين أنقرة ودمشق، إلى حدٍّ أن أردوغان نعت الأسد بالقاتل والمجرم، بعد أن كان يدّعي بأن علاقته به أكثر من علاقة بين رئيسي نظامين، وإنها تتجاوز ذلك إلى علاقة أسرية عائلية.

لكن الآن وبعد فشل السياسات التركية في سوريا، وتزايد احتمالات بقاء نظام الأسد في السلطة، يتودد أردوغان وجوقة المسؤولين من حوله إلى الأسد ونظامه، أملاً في عودة العلاقات إلى سابق عهدها، لدرجة أن مولود جاويش أوغلو لم يجد حرجاً في القول يوماً إن أنقرة لا تستبعد العمل مع بشار الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية.

قد يعجبك ايضا