صحيفة العربي الجديد: واقع السيطرة في إدلب يبقى أكثر تعقيداً من التسليم

تناولت الصحف الصادرة اليوم مواضيع متنوعة على الساحة العربية، كان أبرزها محاولة جديدة لـ “جبهة النصرة”، وذلك بالإعلان عن استعداده لـ”حل نفسه”، لكن الغموض يكتنف مصير المحافظة في ظل الحديث عن سيناريوهات تدخل دولي في إدلب، باعتبار أن اجتثاث فكر “القاعدة” من سورية باتت أولوية الأولويات بالنسبة للمجتمع الدولي.

حيث قالت صحيفة الوطن يبدو من إعلان القائد العام لـ«تحرير الشام»، هاشم الشيخ أن الـ«هيئة» مستعدة لحل نفسها شرط أن تحل كل الفصائل العاملة في الشمال نفسها تحت قيادة واحدة، وفشلها بالتغطية على نفسها بـ«مؤسسات مدنية»، أن التنظيم يتحسب لما هو قادم، بعد بروز إدلب كقضية رئيسية على طاولة البحث الدولية، إثر دحر «النصرة» لميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» وسيطرته على معظم المحافظة.

واللافت في الإعلان أنه جاء بعد أيام قليلة من اقتراح سربته صحفٌ مقربةٌ من الحكومة التركية لتجنيب محافظة إدلب عملية عسكرية تحضّر لها أربع دول، ويتمثل بـ«تشكيل هيئة إدارة محلية مدنية للمدينة تتكفل بإدارة شؤونها الإنسانية والحياتية، مع تحييد التنظيمات المسلحة عن إدارتها»، إضافة إلى «تحويل العناصر المسلحة في المعارضة السورية إلى جهاز شرطة رسمي يتكفل بحفظ الأمن»، و«حل هيئة تحرير الشام في شكل كامل»، ما يشير إلى تنسيق بين أنقرة و«النصرة» وأن الأولى ما زالت تمتلك ورقة الثانية وتريد المحافظة عليها لتخرجها في التوقيت الذي تتعرض «الغوتا» الخاصة بها للخطر.

سيطرة «النصرة» على إدلب فتحت أبواب سيناريوهات تدخل دولي في المحافظة، باعتبار الـ«هيئة» مصنفة على قوائم الإرهاب الدولي، وذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت منذ ذلك الحين في التركيز على المحافظة في الخطاب السياسي والإعلامي وتمهد الأرضية لـمعركة كبرى قادمة.

وصحيفة العربي الجديد قالت: إن واقع السيطرة في إدلب يبقى أكثر تعقيداً من التسليم بأن المنطقة كلها تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، أو تنظيم القاعدة، حيث ما زالت هناك جيوبٌ تحت سيطرة فصائل عسكرية منافسة، أو معادية للهيئة، بالنسبة لريف حلب الغربي، حيث حركة الزنكي، أو جبل الزاوية وسهل الغاب وجبل شحشبو، حيث المجموعات التي قاومت الهيئة من أحرار الشام (خصوصاً صقور الشام)، أو ريف حماة الشمالي، حيث توجد تشكيلات من الجيش السوري الحر، إضافة إلى المناطق متداخلة السيطرة في إدلب وريفها، وما هو أهم من ذلك هو مقاومة المجتمع المحلي للهيئة، وإخراجها من أكثر من منطقة، مثل سراقب وحزانو والأتارب ومعرّة النعمان، وإن كان هذا لا ينفي واقع هيمنة هيئة تحرير الشام حالياً في المنطقة وحدودها، وغياب المنافس الحقيقي لنفوذها على مستوى المحافظة.

تقتضي خطة الجولاني أن يفرض نفسه سلطة أمر واقع. ولكن مع وجود طيفٍ متنوع، عسكري ومدني، مسيطَر عليه في الواجهة أيضاً، لإثبات أن السلطة الجديدة ليست امتداداً لتنظيم القاعدة، لكنها تمثل المجتمع، ولكي يجبر الجميع على أن يكونوا معه في المركب نفسه، والسيطرة على المعابر الحدودية، وإن كان عبر واجهة مدنية، تأتي في سياق البحث عن تعامل مباشر مع الدول والمنظمات، والبحث عن تمويل مستدام أيضاً توفره حركة التجارة.

وأضافت الصحيفة بأن هيئة تحرير الشام حاولت، في هذا السياق، التواصل مع الحكومة التركية، ومع منظمات دولية، وحتى مع جهات أمريكية، ومع مؤسسات المعارضة السياسية، مثل الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة، ومع المجلس الإسلامي السوري. وأرسل الجولاني إلى شخصيات معروفة في أوساط الثوار السوريين بمعاداتها للهيئة ولشخص الجولاني، يطلب اللقاء والحوار معهم، في محاولاتٍ مستميتةٍ لنيل شرعيةٍ من هذه الجهات، وتجاوز عزلة التصنيف والرأي العام، ولإثبات “الاعتدال” والاستعداد لتقديم الخدمات، على الرغم من أن بروباغندا الحشد والتعبئة التي استعملتها هيئة تحرير الشام (وقبلها جبهتا فتح الشام والنصرة) ضد خصومها كانت هي بالضبط التعاون مع هذه الجهات.

وعلى الرغم من أن هيئة تحرير الشام قامت تحت شعار كيان اندماجي لفصائل جبهة فتح الشام وحركة الزنكي والمنشقين عن أحرار الشام (جيش الأحرار) مع مكونات أصغر، إلا أنه لم يتحقق اندماج ضمن الهيئة، ولا توحد في الرؤية تجاه العلاقة بالفصائل الأخرى. وكان الجولاني فقط من يتبنى القتال المستمر ضد الجيش الحر و”أحرار الشام”، ونتج عن هذا الانقسام خروج حركة الزنكي من الهيئة (يوليو/ تموز 2017)، وتعليق “جيش الأحرار” عملهم، وانشقاقات فردية. وهو ما يعني أن التنظيم الموجود حالياً قد عاد عملياً إلى جبهة فتح الشام، أو بالأحرى إلى جبهة النصرة. ومن المتوقع أن يزداد هذا الانقسام بعد خطوات الجولاني لإظهار الاعتدال، ومع فشل خطته لدمج الفصائل، أو فرض سلطة أمر واقع، ومع تنامي الغضب الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية ومخاوف الحرب الدولية.

 

قد يعجبك ايضا