شمال وشرق سوريا…عام على “مطرقة الشعوب” التي قضت مضاجع الإرهاب

بعد غياب شمس العشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2022، نفذ تنظيم داعش الإرهابي عبر خلاياه النائمة أكبر هجوم له في سوريا، منذ هزيمته الجغرافية ربيع عام ألفين وتسعة عشر، مستهدفاً سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا.

الهجوم بدأ بتفجير سيارة ودراجة نارية مفخختين عند بوابة السجن الذي يضم الآلاف من عناصر التنظيم المحتجزين هناك منذ سنوات، مع بداية حرب قوات سوريا الديمقراطية ضد التنظيم الإرهابي في شمال وشرق سوريا.

التفجيران أحدثا ما يشبه الصدمة لأعضاء حامية السجن، ما سمح للمحتجزين داخله لبدء استعصاء، وأسر أعضاء من قوى الأمن الداخلي المكلفين بحراسة المهاجع، قبل تمكن بعض الإرهابيين من الفرار من السجن والهروب جنوباً إلى حي الزهور الملاصق للسجن.

قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من تدارك الموقف بسرعة، وسيطرت على الوضع الأمني خلال ساعات، مانعة بذلك أكبر عملية هروب جماعي لآلاف الإرهابيين، وذلك باستقدامها خيرة مقاتليها، معززين بإسناد جوي من قبل قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.

وبعد يومين، بدأت عمليات استسلام العناصر الإرهابية، التي حوصرت في أكثر من موقع بمحيط السجن وداخله، وكانت آخر مجموعة مستسلمة منهم اتخذت من قبو السجن مكاناً لها، وتحصنت داخله طيلة فترة الهجوم لتستسلم في التاسع والعشرين من كانون الثاني/ يناير، وبهذا الاستسلام انتهى الهجوم فعلياً.

قسد أطلقت حملة مطرقة الشعوب لاستعادة السيطرة على السجن، بالتزامن مع عمليات لتمشيط الأحياء المحيطة، ودعت الأهالي للتعاون معها، وهو ما حصل، إذ تمكنت وحدات مكافحة الإرهاب من اعتقال من تبقى من السجناء الفارين المختبئين في دور المدنيين بأحياء غويران والزهور والنشوة.

الهجوم أسفر عن فقدان مئة وواحد وعشرين شخصاً لحياتهم من بينهم أربعة مدنيين وسبعة وسبعون من الحراس والعاملين في السجن، وأربعون مقاتلاً من قسد، فيما لقي ثلاثمئة وأربعة وسبعون من عناصر التنظيم الإرهابي مصرعهم خلال عمليات تطهير السجن.

وبعد أن أُحبط الهجوم، عاد الهدوء إلى المدينة، وشيعت جثامين الراحلين في مراسيم شعبية مهيبة، لكن الهجوم أرسل عدة إشارات تبرز الاتساق التام بين تنظيم داعش الإرهابي والنظام التركي، وكشف عدد المشككين بقدرة قسد على استعادة زمام الأمور، وكذلك الراغبين بفشل مشروع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

تاريخ الهجوم تزامن مع الذكرى الرابعة لبداية عدوان جيش الاحتلال التركي على عفرين، حيث حاول الاحتلال عبر فصائله الإرهابية استغلال الموقف، فكثفت الأخيرة من هجماتها ومن محاولات التسلل على طول خطوط التماس في ريفي الحسكة والرقة.

كما شهد مخيم الهول الذي يضم عوائل تنظيم داعش الإرهابي محاولات فرار جماعي، إلا أن جميعها باءت بالفشل، مع حرص قوى الأمن الداخلي التي تحرس المخيم على عدم السماح بذلك طيلة أيام حملة مطرقة الشعوب.

أما ما تسمى بالمعارضة السورية، فتبنت وسائل إعلامها خطاب تنظيم داعش للهجوم الذي أسماه في معرفاته على الإنترنت بـ “ملحمة غويران”، وأما الحكومة السورية فكانت وسائل إعلامها ومن يدور في فلكها، تمارس خطاباً تحريضياً واضحاً، في محاولة بائسة منها لإشعال فتنة بين مكونات المنطقة وقوات سوريا الديمقراطية.

الهجوم انتهى دون تحقيق أهدافه، ومع فشله عادت قضية المحتجزين من عناصر التنظيم الإرهابي لدى قسد إلى الواجهة، وإحجام الدول التي ينتمون إليها عن استعادتهم، أو الإصغاء لدعوات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الرامية لإعادتهم إلى بلدانهم، أو إنشاء محكمة خاصة لمحاكمتهم.

قوات سوريا الديمقراطية ومن خلال قضاءها على الهجوم الأكبر لداعش منذ سنوات وإفشاله، أثبتت للعالم مجدداً، أنها ما زالت الدرع المانع من انتشار الإرهاب في العالم وفي سوريا بشكل خاص.

قد يعجبك ايضا