يا للحدث الذي يحمل في طياته دلالات كثيرة!!
في ذكرى اليوم الذي هاجم فيه تنظيمُ داعش الإرهابي مدينة كوباني شمال شرقي سوريا، في محاولةٍ منه لقمع الإرادة الحرة للشعوب والمرأة في إدارة نفسها وحق تقرير مصيرها، استهدفت مسيرةٌ تابعةٌ للاحتلال التركي مركبةً تُقلُّ قياديةً ومقاتلتَين في وحدات حماية المرأة هنَّ القيادية شرفين سردار والمقاتلتين نوجان أوجلان وجاندا جودي، وذلك على طريق الحطابات في منبج بريف حلب الشرقي، الخارج عن نطاق مناطق اعتداءات الاحتلال، وفقاً لاتفاقياتٍ سيّرتها ما تسمى الدولَ الضامنة مع النظام التركي.
شرفين القيادية التي فقدت حياتها رفقةَ مقاتلتين معها، إثر الاستهداف التركي الغادر هي نفسُها القيادية التي نذرت حياتها للزي العسكري من أجل حماية مكتسبات ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، الذي كُرِّمت به في قصر الإليزيه بفرنسا على دورها البطولي خلال الحرب التي قادتها وحدات حماية المرأة ضد تنظيم داعش الإرهابي لتحرير مناطق شمال وشرق سوريا.
استهدافٌ جاء لإحقاق مخططٍ تركيٍّ، مع كل هذه المعطيات المطروحة للعيان، يسعى فيه للانتقام لهزيمة داعش في كوباني أمام نضال المرأة الكردية المستميت لمنع سقوط المدينة.
تم استهداف القيادية شرفين عشيةَ ذكرى مقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد ما تسمى شرطة الأخلاق في إيران، في دلالةٍ أخرى تكشف تواطؤ النظام التركي لا مع إرهاب داعش فحسب، بل مع الذهنية الذكورية التي تنتجها السلطة الدينية والقومية لقمع الإرادة الحرة للنساء.
خلال لقاءٍ خاص مع قناة اليوم أعربت مسؤولةُ العلاقات العامة في وحدات حماية المرأة روكسان محمد على لسان قواتها عن سخطهم إزاء ممارسات الاحتلال، التي تنتهك الحدود الجوية السورية مراتٍ عدة وسط صمتٍ دولي مُطبق، مضيفةً أن ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا تشكل تهديداً وجودياً للأنظمة الديكتاتورية للدول القومية أمثال تركيا، مما يدفعها للجوء إلى أساليبَ رخيصةٍ بعيدةٍ عن المواجهة المباشرة، بغية كسر إرادة المرأة الحرة على حد تعبيرها.
النساء العربيات والفعاليات النسوية للمكونات الشعبية في مناطق شمال وشرق سوريا التي عبدت الطريق لبناء هياكلها اقتداءً منها بنضال المرأة الكردية، استنكرت وندَّدت من جانبها بجريمة استهداف عضوة قيادة مجلس وحدات حماية المرأة العسكري، شرفين سردار ورفيقاتها.
القيادية العسكرية شرفين لم تكن المرأة الأولى التي تقع هدفاً لمسيرات الاحتلال التركي، فقبل ذلك استهدف الاحتلال نساءً إدارياٍت يعملن في القطاعات المدنية بمناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عدا عن استهدافه القياديات العسكرية، في ممارسةٍ توضح رغبة الاحتلال في طمس ثورة المرأة بالمنطقة على الصُعُد الحياتية كافةً حسب روكسان.
والقيادية شرفين من مواليد مدينة الدرباسية في شمال شرق سوريا عام 1981م، بدأت مسيرتها كامرأةٍ كرديةٍ مُناضلة عام 1998م بعد انضمامها إلى صفوف حركة الحرية في جبال كردستان.
عندما انطلقت ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا ارتأت شرفين ضرورةَ مواكبتها لهذه الثورة، لتقضي بذلك خمسةً وعشرين عاماً من حياتها بالعمل في السلك السياسي والدبلوماسي والعسكري كامرأةٍ كرديةٍ ثورية، تؤمن بأن حرية الشعوب تبدأ من حرية المرأة وتستمر بها.
حتى الرمق الأخير دافعت شرفين عن أهداف ثورة شمال وشرق سوريا ومن أجل ذلك شاركت في عملية تعزيز الأمن التي تكللت بالنجاح، في سبيل مواجهة السياسات الفاسدة التي خطَّطت لها القوى الخارجية من أجل تدمير وحدة الشعوب وخلق الفتنة بينها في منطقة دير الزور خلال الفترة الماضية، وبذلك تصبح هذه المشاركة آخرَ سطرٍ في ملف نضالات شرفين الزاخر.
وجهت وحدات حماية المرأة في بيانٍ لها تعازيها إلى عوائل المقاتلات الثلاثة، مشيدةً بالإرث النضالي الذي تركته القيادية شرفين وحرصها ورفيقتيها نوجان أوجلان وجاندا جودي، على الوفاء بقيم ثورة المنطقة حتى الرمق الأخير لهن.
والجدير ذكره أن المقاتلة نوجان أوجلان وفقاً لبيان وحدات حماية المرأة هي شابةٌ من منبج، انتسبت إلى قواتها في سنٍ مُبكرةٍ من أجل حماية مكتسبات الثورة ومنع هجمات الاحتلال، فيما تنحدر المقاتلة جاندا جودي وهي أمٌّ لطفلين، وفقاً للبيان من مدينة تل أبيض /كري سبي المحتلة، وقد انضمت إلى صفوف وحدات حماية المرأة بعد احتلال مدينتها من قبل الاحتلال التركي.