شرطة الآداب في ليبيا تثير قلقاً حقوقياً من استنساخ “شرطة الأخلاق” الإيرانية (خاص)
منعُ الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة، وفرضُ الحجاب الإلزامي على النساء، ومنعهن من السفر دون “مَحْرَم”، بالإضافة إلى منعِ صيحاتِ الشعر وملابس الشباب المستوردة، وإغلاق المقاهي التي تقدمُ “الأركيلة”، الحديثُ هنا ليس عن عصرِ الجاهلية وإنما عن ليبيا المعاصرة.
منذ مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أثار وزير الداخلية في حكومة الوحدة المنتهية الولاية، عماد الطرابلسي، جدلاً واسعاً في الداخل الليبي، عقب إعلانِهِ في مؤتمرٍ صحفي، عن تشكيل جهاز ما يسمّى “حماية الآداب العامة”.
الجهاز سيفرِضُ على المرأة لبسَ الحجاب وسيمنع صيحات الشعر وملابس الشباب المستوردة، كما سيحظرُ الاختلاطَ في الأماكن العامة، ويفرض قيوداً على سفر النساء، وسيلاحق ناشري المحتوى غير اللائق على منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب متابعة الأنشطة الثقافية والمخيّمات والرحلات الصيفية، التي تنظمها الجهاتُ الرسمية وغير الرسمية بالبلاد.
قرارٌ أُثيرَ حوله الكثيرُ من الجدل والانقسام، بين مؤيدين له بحجة حماية التقاليد والقيم الليبية، ومعارضين له بأنه أداةٌ جديدةٌ للقمع ولتقليص وتكبيل الحريات الشخصية وفرض الرقابة.
منظماتٌ حقوقيةٌ محلية ودولية، دخلت سريعاً على الخط، وأدانت قرارات الطرابلسي، محذرةً من قمع حقوق النساء والفتيات، واستنساخ التجربة الإيرانية، التي أدت إلى أعنف احتجاجاتٍ شهدتها إيران، إثر مقتل الشابة الكردية جينا أميني، في العام ألفين واثنين وعشرين، على يد ما تسمى بـ”شرطة الأخلاق” بمزاعم عدم ارتدائها الحجابَ بالطريقة الملائمة.
منظمة العفو الدولية، من جهتها، انتقدت ما سمتها “تهديدات” الطرابلسي، واعتبرت أنّه “قمعٌ للحريات الأساسية باسم الأخلاق”، وأكدت أنه تصعيدٌ خطيرٌ في مستويات القمع الخانقة في ليبيا، وطالبت حكومةَ الوحدة المنتهية الولاية، بإلغاء هذه الإجراءات والتركيز على معالجة أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد.
ورغم الجدل المجتمعي والانتقادات الحقوقية التي طالت تصريحات الطرابلسي، لم يمضِ الوقتُ كثيراً حتى أعلن المجلس الرئاسي الليبي، في قرارٍ عن تشكيل جهاز ما يسمّى “حماية الآداب العامة”، مقره العاصمة طرابلس، ليباشر عمله في البلاد، ضارباً جميع الانتقادات بعرض الحائط.