دولٌ تدخَّلت في سوريا واحتلَّتْ أجزاءً واسعةً منها بعد تهجير سكانها، ولم تكتفِ بذلك بل استغلتِ الأوضاعَ الاقتصاديَّةَ السيئةَ لتغذية ظاهرة “الارتزاق” وتحقيقِ مصالح استعمارية.
وعند الحديث عن “المرتزقة السوريين” التابعين للاحتلال التركي يتبادرُ إلى الأذهان فوراً، تقاريرُ منظمات حقوقيَّةٌ تحدَّثت عن تجنيد الآلاف منهم وإرسالِهم لجبهاتٍ خارجية ومعظمُهم من عناصر ما يُسمَّى الجيشُ الوطني.
“المركز السوري للعدالة والمساءلة” وهو منظمةٌ سورية حقوقية، مقرُّها واشنطن، نشرَ تقريراً معمّقاً بالتعاون مع منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” كشفَ فيه قصصاً وتفاصيلَ لم تروَ بعدُ عن عمليات التجنيد.
التقريرُ قال إن فصائلَ وسماسرةَ “الجيش الوطني السوري” جنّدت فئاتٍ ضعيفةً من المجتمع السوري للقتال كمرتزقة، بمن فيهم الأطفالُ، والبدايةُ كانت في ليبيا ثم إقليم آرتساخ، بالتعاون مع شركات، مُسجَّلةً رسمياً تحت “إشراف دقيق” من النظام التركي.
وتشير المنظمتان أن عمليةَ التجنيد تمَّتْ شماليَّ سوريا عبر مرحلتين، لكُلٍّ منها “عرّابون” فبينما تولى قادةُ “فرقة الحمزة، السليمان شاه، السلطان مراد، فيلق الشام، فيلق المجد” الإرهابي عمليةَ استقطاب المرتزقة بعد تقديم مغرياتٍ مادية وصلتْ لأكثر من ألفين وخمسمئة دولار، عملتْ شركةُ “سادات” التركيَّةُ على نقلهم جواً لجبهات القتال بليبيا وأذربيجان.
تقريرُ المنظمتين أشار أيضاً إلى عمليات تجنيدٍ لضبَّاط سوريين منشقين عن الحكومة، حيث أُوكِلَتْ لهم مهامُّ التدريب والاستشارات لقوات الوفاق بطرابلس.
ونَقلَ مُعِدُّ التقرير، غبرييل يونغ عن مصادرَ بالفصائل الإرهابية، أنَّه في مارس 2021 كان عددُ الذين قُتِلُوا وأُصِيبُوا وأُسِرُوا قد بلغَ ألفين مرتزق، فيما بقي نحوُ سبعةِ آلاف وخمسمئةٍ منهم بليبيا.
ويرى مديرُ مركز “العدالة والمساءلة”، محمد العبد الله أنَّ أثر “الارتزاق” في سوريا سيكون “سلبياً جدًا” على الوضع السياسي، لأن هذه الصفةَ أعطتْ صورةً سيئةً عمَّن يسمَون أنفسهم بمقاتلي المعارضة، وسينعكس بنفسِ الوقت بالإيجاب على بشار الأسد، لأنَّ الأخيرَ أكثرُ طرفٍ انتهكَ حقوق الإنسان بسوريا، وربما يتجه مستقبلاً لإظهار أنَّ ما تُسمَّى بالمعارضة ارتكبتْ انتهاكاتٍ أكبرَ.