سوريا.. استمرار الحصار الحكومي يهدد بكارثة إنسانية لمئات الآلاف شمال حلب

منذ أكثرَ من ثلاثة أعوام ولا يزال مئات آلاف السكان والمهجرين في حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية، ومناطق شمال حلب في سوريا، يعانون تداعيات حصارٍ حكومي، بلغ ذروته العام الماضي، مع حظر عناصر الفرقة الرابعة في قوات الحكومة السورية دخول أيٍّ من مستلزمات الحياة إلى تلك المناطق، بما فيها المحروقات، في إجراءٍ يُنافي القوانين والمعاهدات الدولية.

وحرم الحصار المفروض من قبل الفرقة الرابعة في قوات الحكومة السورية، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، سكان حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية ومناطق بشمال حلب، من مختلف أنواع المواد الغذائية الأساسية والمواد البترولية، إضافةً للمساعدات الإنسانية والمواد الطبية والصحية، ومن بينها حليب الأطفال.

مناشداتٌ ونداءاتُ استغاثةٍ أطلقها سكان الحيين ومنطقة تل رفعت والقرى المحيطة بها شمال حلب، المتضررون أساساً من جراء زلزال السادس من شباط، مع اشتداد الحصار وتفاقم الأزمات والتداعيات، خاصةً وأن فصل الشتاء بات على الأبواب، حيث موسم البرد القارص وأمراضه العديدة والمميتة أحياناً لمن يعانون من أمراضٍ مُزمنة.

وقال الناشط الحقوقي السوري إبراهيم شيخو، وهو أحد مهجري منطقة عفرين المحتلة، إنّ” فصل الشتاء لم يبدأ بعد، مئةُ لترٍ لا تكفي، هم (السكان والمهجرون) بحاجة لكميات أخرى، في ظل استمرار الحصار وتعنت وعنجهية عناصر هذه الحواجز في عدم السماح بمرور المساعدات وخصوصاً المحروقات والتدفئة”.

وأضاف شيخو في مداخلةٍ مع اليوم، “بصفتي ناشط حقوقي وكأحد مهجري عفرين في المخيمات وباسم نازحي عفرين في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، نناشد الحكومة السورية ونقول لهم إننا سوريون ونحمل الهوية السورية وبأننا بحاجة لهذه الاحتياجات ونناشدكم أن تفتحوا هذه الحواجز”.

وتعتبر المناطق المحاصرة، من المناطق المتضررة من جراء زلزال السادس من شباط هذا العام، الذي ضرب مناطق واسعة من جنوبي تركيا وشمال غرب سوريا، وخلّف عشرات آلاف القتلى والجرحى وخسائر مادية كبيرة في البلدين.

حقوقيون سوريون ومراقبون للشأن الإنساني حذَّروا من استمرار الحصار الحكومي المفروض على مناطق شمال حلب، وأكدوا أنه خلَّف زيادةً في الفقر ونقصاً في المساعدات الإنسانية وتدهوراً الخدمات بمختلف القطاعات، بما فيها الصحي، مما يهدد بكارثةٍ إنسانية، تطال مئات آلاف السكان، بمن فيهم عشرات آلاف المهجرين من منطقة عفرين التي تحتلها تركيا في شمال غربي سوريا.

واحتل جيش الاحتلال التركي وفصائلُ إرهابيةٌ تابعة له منطقة عفرين المشهورة بأشجار الزيتون وزيته وأحد أهم المدن السورية اقتصادياً وسياحياً وثقافياً، في العام 2018، قبل أن يبدأ بتوطين عشرات آلاف المهجرين السوريين في المدينة وقراها، بعد تهجير سكانها الأصليين وارتكاب أفظع الجرائم والانتهاكات بحقهم، بحسب ما أكدته تقارير حقوقية.

حصارٌ حكوميٌّ خانق، يبدو من تسلسله الزمني ارتباطُه الوثيق بالوضع العسكري والسياسي المتعقد في سوريا، حيث يرى مراقبون أن الإجراءات الحكومية ما هي إلا محاولةٌ للضغط على سكان حيي الشيخ مقصود والأشرفية ومنطقة تل رفعت، وابتزازهم معيشياً، لاعتباراتٍ عدة، أبرزها موقفهم المناهض لذهنية دمشق الأمنية والإقصائية.

معاناةٌ كبيرةٌ وكارثةٌ إنسانية تهدد السكان والمهجرين في الشيخ مقصود والأشرفية والريف الشمالي لحلب، فيما يبدو أنها ضريبةٌ حكوميةٌ لموقف، يقول أبناء تلك المناطق إنه لن يتغير، لأنه لا عيشاً كريماً من دون كرامة، ليبقى مصيرهم اليوم مُعلقاً بتحركٍ عاجلٍ من قبل المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية، للضغط على دمشق لفك الحصار وإدخال المواد اللازمة للحياة، بما فيها المواد الغذائية والطبية والمحروقات، على وجه الخصوص.

قد يعجبك ايضا