رسالة مبطنة من أوجلان إلى الأتراك: الأكراد فعلوا ما عليهم وحان دوركم

قال مؤسس حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان إن هناك حاجة إلى تحول جذري لإصلاح العلاقات بين تركيا والأكراد بعد القرار التاريخي الذي اتخذه الحزب بحل كيانه وإيقاف الكفاح المسلح، في رسالة إلى تركيا تفيد بأن الأكراد قاموا بما عليهم من خلال إحداث تحول جذري وأن الدور الآن على تركيا لتفي بتعهداتها.
وحذر أوجلان من “الفخاخ وحقول الألغام”، في مؤشر واضح على مخاوف جدية لديه من أن أنقرة قد لا تكون في مستوى ما تعهد به الوسطاء بشأن رغبتها في السلام الشامل.
ويقول مراقبون إن أوجلان ينقل الضغط إلى تركيا بدل أن يكون هذا الضغط مسلطا عليه خاصة أنه كان وراء اتخاذ القرار التاريخي بحل الحزب وإلقاء السلاح، وفي حال لم تنفذ أنقرة تعهداتها فسيبدو كمن تم استغفاله والضحك عليه أو قد يتهم بأنه خدع قادة الحزب ومسلحيه وأنصاره لصالح السلطات التركية.
ويمثل الفشل في هذا الاختبار الكبير بمثابة نهاية لشخصية أوجلان التاريخية كزعيم لأكراد تركيا، ما دفع إلى تذكير الأتراك بضرورة تنفيذ ما يتعلق بهم في مسار “التحول الكبير” وإعادة التأسيس للأخوّة الكردية – التركية التي أضعفتها أربعون عاما من القتال.
ومن الواضح أن أوجلان يتوجس من موقف المسؤولين الأتراك الذين اكتفوا بإطلاق تصريحات عامة وإشادة باردة بخطوة حزب العمال حل نفسه، وبالغوا في تشددهم إلى درجة أنهم ربطوا التفاعل مع تلك الخطوة بإنهاء الحزب إلقاء سلاحه بشكل كامل، وهو أمر يبدو صعبا لأن الحزب يطالب بخطوات تركية على الأرض تظهر جدية أنقرة في السير على طريق السلام قبل الاستمرار في تنفيذ خطوة نزع السلاح.
وقد يكون مرد غموض الموقف التركي إلى تأجيل الحزب عملية تسليم السلاح من أجل فسح المجال لمفاوضات جديدة تبدد الغموض من الجانبين. كما أن الحزب قد يجد نفسه في مواجهة أزمة داخلية بأن تبادر مجموعات إلى رفض تسليم السلاح من دون أفق واضح خوفاً من أن تكون العملية برمتها مناورة تفضي إلى خسارة السلاح والنزول من الجبال وتسليم المقاتلين للسلطات التركية لتحقق نصرا عسكرياً عبر سلام مغشوش وهو ما فشلت في تحقيقه بالسلاح.
ونقل رسالة أوجلان الجديدة وفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد الذي زار جزيرة سجن إيمرالي قرب إسطنبول حيث يمضي أوجلان حكماً بالسجن مدى الحياة في الحبس الانفرادي منذ العام 1999.
وكانت هذه الزيارة الأولى له منذ إعلان حل الحزب وإلقاء السلاح في 12 مايو سعيا إلى وضع حدٍّ للصراع الذي بدأ عام 1984 عندما بدأ حزب العمال الكردستاني تمردا مسلحا بهدف إقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون حوالي 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليونا. وقُتل منذ ذلك الحين أكثر من 40 ألف شخص.
وكتب أوجلان، المقاتل السابق البالغ 76 عاما “ما نقوم به ينطوي على تحول كبير.”
وقال “العلاقة التركية – الكردية أشبه بعلاقة أخوية مقطوعة. يتقاتل الإخوة والأخوات، لكنهم لا يستطيعون العيش دون بعضهم بعضا” داعيا إلى “اتفاق جديد قائم على مفهوم الأخوّة.” وأضاف “يجب أن نزيل كل الفخاخ وحقول الألغام التي تفسد هذه العلاقة، وإصلاح الطرق والجسور المقطوعة.”
وما يؤشر إلى ربط الفخاخ بتركيا أن أوجلان أشاد بموقف حزبه وقادته الإعلان عن حل الحزب بأن قال الثلاثاء الماضي “أشيد بخالص التقدير بالقرارات المتّخذة خلال المؤتمر الثاني عشر التاريخي،” ومرد مخاوف الزعيم الكردي من موقف سلبي من تركيا هو تعدد جهات القرار فيها بين المسؤولين السياسيين والمؤسسة العسكرية والأمنية المناوئة للخيار التفاوضي، ووجود تيار قومي يميني يرفض تقديم أيّ تنازلات للأكراد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال إنه يتوجب على الحزب الكردي تسليم سلاحه بالكامل وتنفيذ قرار حل نفسه بشكل تام، وإنهاء ممارساته غير الشرعية. وأوضح أردوغان أنه “مع إزالة الإرهاب بشكل كامل من أجندة تركيا، فإن الباب سيفتح أمام عصر جديد تماما.”
وقبل أسبوع أعلن حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإنهاء أكثر من أربعة عقود من التمرّد المسلّح ضد الدولة التركية خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.
واعتبر الحزب في بيان نقلته وكالة فرات للأنباء المقرّبة منه، أنه أنجز “مهمته التاريخية” و”أوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديمقراطية.”
وأكّد الحزب أن مؤتمره الثاني عشر الذي عُقد في جبال قنديل بشمال العراق بين الخامس والسابع من مايو “اتخذ.. قرارات بحل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح وإنهاء الأنشطة” التي كانت تمارس باسمه.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني دوران كالكان للمندوبين في تصريحات نقلتها وكالة فرات “هذه ليست النهاية، بل هي بداية جديدة.”
وهذه المرة، كانت النائبة عن حزب “ديم” بروين بولدان الوحيدة التي زارت أوجلان برفقة محاميه أوزغور إيرول، بعد وفاة أبرز مهندسي الحوار بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، سري ثريا أوندر أخيرا.
وتوفي أوندر، نائب رئيس البرلمان التركي، في 3 مايو بعد إصابته بسكتة قلبية، وذلك قبل أيام قليلة من القرار التاريخي الذي اتخذه حزب العمال الكردستاني.
وقد أمضى أوندر سنوات في محاولة إنهاء الصراع مع الأقلية الكردية في تركيا. ومنذ ديسمبر، كان جزءا من الوفد الذي زار أوجلان مرات عدة.
وكتب أوجلان “كنت أتوق إلى التحدث مع سري ثريا أوندر مرة أخيرة” قائلا إنه كان “شخصا حكيما” وترك وراءه “ذكريات عزيزة علينا أن نبقيها حية.”
ومن غير المرجح أن يطلق سراح عبدالله أوجلان لأن حياته قد تكون مهددة، لكن من المرجح أن “تخفّف” ظروف سجنه، بحسب مسؤولين.

 

المصدر : العرب اللندنية 

قد يعجبك ايضا