حزب العمال الكردستاني يطوي صفحة السلاح لبدء مرحلة السلام
في حدث غير مسبوق، اختار حزب العمال الكردستاني أن يُسدل الستار على أكثر من أربعة عقود من النضال المسلح، معلناً من خلال مؤتمره الثاني عشر حلّ الحزب بشكل نهائي، وإنهاء الكفاح المسلح ضد الدولة التركية، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة تعتمد على النضال السياسي السلمي.
المؤتمر انعقد في منطقة جبلية بإقليم كردستان، بحضور مئتين واثنين وثلاثين مندوباً يمثلون كوادر الحزب السياسية والتنظيمية. ووفقاً للبيان الختامي، فقد جاء القرار استجابة مباشرة لرسالة وجهها قائد الحزب عبدالله أوجلان، دعا فيها إلى “تجاوز مرحلة العنف، وتبني أساليب ديمقراطية وسلمية في النضال من أجل الحقوق الكردية”.
الرسالة التي وُصفت بأنها “تاريخية” شكّلت الشرارة الفعلية لهذا التحول الجذري، ما يؤشر على بدء عصر جديد قد يُعيد صياغة العلاقة بين الكرد والدولة التركية.
ويأتي قرار الحزب بعد مراجعة شاملة لمساره منذ تأسيسه في عام 1978، مروراً ببدء النضال المسلح في 1984، وحتى اللحظة الراهنة، فيما يرى مراقبون أن المتغيرات الإقليمية والوضع الراهن يتطلب بدء مرحلة جديدة لإعطاء الأولوية لصوت العقل، وفتح المجال أمام الكرد للمشاركة في صياغة مستقبلهم من خلال العمل المدني والمؤسساتي.
دول غربية ومنظمات دولية أشادت بالخطوة، داعية إلى استغلال هذه اللحظة لبناء مسار سياسي يُراعي الحقوق القومية والثقافية للكرد في تركيا، ودعم التحول نحو الديمقراطية الشاملة.
وعلى الرغم من الطابع الرمزي الكبير للقرار، إلا أن نجاح هذه المرحلة التاريخية يظل مرهوناً بمدى جدية تركيا في احتواء هذا التحول، وفتح أبواب الحوار الحقيقي، وضمان الاعتراف بالهوية الكردية وحقوق الكرد في العمل السياسي والثقافي، بعيداً عن القمع أو الإقصاء، وبناء عليه المطلوب الآن ليس فقط نزع السلاح، بل نزع أسباب التوتر من الجذور، عبر إصلاحات دستورية وإجراءات تضمن مشاركة سياسية عادلة للكرد داخل مؤسسات الدولة.
ويقول مراقبون إن خطوة حل حزب العمال الكردستاني قد تكون الفرصة الذهبية الأخيرة لإغلاق ملف من أعقد الملفات الأمنية والسياسية في تركيا الحديثة. لكن الفرصة تحتاج إلى طرفين طرف أعلن بوضوح أنه يريد التغيير، وطرف آخر مطلوب منه أن يُثبت أنه مستعد لهذا التغيير بصدق.. فهل تستثمر الدولة التركية هذه اللحظة الفارقة؟ وهل تبدأ مرحلة سلام حقيقية طال انتظارها؟
الجواب بيد أنقرة… والتاريخ يراقب