حرب روسيا وأوكرانيا بين مد وجزر وترقب دولي لعودة ترامب (خاص)

في الحرب الروسية الأوكرانية هناك لعبةُ عضِّ أصابعَ بين موسكو وكييف، وإلى أن يصرخ أحدهما من الألم، يستعمل كلاهما كافة الأساليب، المشروعةَ منها وغير المشروعة، في سبيل تحقيق أهدافه المعلنة وغاياته السرية.

الشد والجذب بين الطرفين بدأا قبل الحرب حتى، إذ استعانت كييف بحلفائها في الاتحاد الأوروبي ودول حلف شمال الأطلسي، فيما توعّدت موسكو بالضرب بيدٍ من حديد، في طريق تحقيق الأهداف التي وضعتها، مع إعلان الحرب التي انطلقت في الرابع والعشرين من شباط/ فبراير عام ألفين واثنين وعشرين.

وكما كان متوقعاً، فقد خسرت أوكرانيا مساحاتٍ كبيرةً من أراضيها في المرحلة الأولى من الحرب، قبل أن يفشل هجومُها المضاد، في حزيران يونيو 2023، وهو ما أربك حسابات الغرب، وبدأت بعض الدول تعلن صراحةً رغبتها بتحجيم الدعم المقدم لكييف في الحرب.

تعثُّر الدعم وخاصةً الأمريكي ظهر جلياً في الميدان، إذ تقدّمت القوات الروسية في أكثر من موقع، قبل إقرارِ الكونغرس في نيسان أبريل الماضي، حزمةَ مساعداتٍ عسكرية، بأكثر من ستين مليار دولار، وهو ما أنعش الآمال الأوكرانية بالصمود قدراً أكبر أمام زحف القوات الروسية.

وفي آب أغسطس الفائت، شنت القوات الأوكرانية هجوماً مفاجئاً على الأراضي الروسية وتوغلت في منطقة كورسك الحدودية، وسيطرت على مساحاتٍ شاسعة منها، في تطوّر بارز بمسار الحرب، فمنذ الحرب العالمية الثانية لم تتوغل قواتٌ أجنبيةٌ داخل الأراضي الروسية، إلا أن الجيش الروسي استفاق من الصدمة وبدأ باستعادة بعض المواقع التي خسرها في كورسك.

التطور الأبرز جاء مؤخراً مع سماح الرئيس الأمريكي جو بايدن لأوكرانيا، باستخدام الأسلحة المقدمة لها، في ضرب العمق الروسي، وهو ما كان محظوراً عليها على مدار أكثر من سنتين من المعارك الضارية.

ولأن لكل فعل ردُّ فعل، وقّع الرئيس الروسي مرسومًا جديداً، أعلن من خلاله العقيدةَ النووية المحدثة للبلاد، التي تؤكد أن أي هجومٍ تقليدي من قبل أي دولةٍ على روسيا، بدعمٍ من قوةٍ نووية، سيعتبر هجوماً مشتركاً، كما أن أي اعتداءٍ على روسيا من قبل دولةٍ عضو في تحالف يُعتبر عدواناً من قبل التحالف بأكمله.

وهكذا كانت الحرب وما زالت بين مدٍّ وجزر، تقدُّمٌ هنا وتراجع هناك، والعالم ينتظر بدايات العام الجديد الذي ستتغير فيه الإدارة الأمريكية مع عودة دونالد ترامب إلى المكتب البيضوي، وهو الذي أعلن أكثر من مرة بأنه يستطيع إيقاف الحرب بين ليلة وضحاها.

فهل سيفي ترامب بوعوده الانتخابية، أم أن الميدان له أحكامٌ أخرى؟