منذ الإطاحة بنظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي قبل نحو عقد من الزمن، لم يتوقف القتال على السلطة في ليبيا، والذي شارك فيه مجموعة من القوى الداخلية والخارجية، ما جعل الوضع أكثر إرباكاً في البلد العربي الواقع في شمال إفريقيا.
ثراء البلاد باحتياطات النفط والغاز إلى جانب النزاع بين جماعة الإخوان المسلمين المتمثلة بحكومة الوفاق من جهة والجيش الليبي من جهة أخرى، أدى إلى ازدواجية بالسلطة منذ عام 2014، في حين بدأ النظام التركي بالضلوع بالنزاع عبر إرسال المرتزقة؛ مهدداً بالسيطرة على مدينة سرت الاستراتيجية.
الازدياد الكبير في تدفق المرتزقة من قبل النظام التركي أثار حفيظة مصر، التي اعتبرت أن دخول جيش النظام التركي ومرتزقته إلى مدينة سرت الاستراتيجية هو تهديد لأمنها القومي.
استمرار النزاع زاد قلق القارة الأوروبية من صراع دولي يحدث في فنائها الخلفي، حيث دعت برلين لمؤتمر دولي حول ليبيا، في كانون الثاني عام الفين وعشرين، كما تم تشكيل اللجنة العسكرية المشتركة “5 +5” في مؤتمر جنيف والتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، ما شكل خطوة مهمة إلى الأمام في تاريخ النزاع الليبي.
وفي إطار البحث عن حلول للصراع، عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السياسي البلغاري نيكولاي ملادينوف مبعوثًا خاصًا جديدًا للأمم المتحدة إلى ليبيا.

وفي تشرين الأول من العام الماضي، وافق طرفا النزاع الليبي على وقف إطلاق النار بضغط من المجتمع الدولي، لتنتهي بذلك رسمياً الحرب الأهلية التي استمرت كل هذه السنوات، في ظل وجود عشرين ألف مرتزق بينهم سوريون في ليبيا، يعملون بأوامر النظام التركي.
عقب ذلك، انتُخب عبد الحميد الدبيبة رئيساً جديداً للحكومة في ليبيا، في حين ما يزال الطريق أمامه مضطرباً بشكل خاص، رغم توقيع جميع المرشحين للسلطة التنفيذية إفادة خطية بالالتزام بالانتخابات الوطنية المقررة في الرابع والعشرين من كانون الاول القادم، والالتزام بعدم الترشح في تلك الانتخابات، ما يعني تخلي الحكومة الانتقالية، طواعية عن السلطة بحلول نهاية العام.

لكن التحدي الكبير الذي يواجه حكومة الدبيبة حالياً يتمثل في إعادة توحيد الجيش، والقضاء على الفصائل المسلحة المختلفة إلى جانب خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، إضافة إلى ضرورة توحيد مؤسسات الدولة المقسمة بين شرق البلاد وغربها.
ويرى مراقبون للشان الليبي أن نجاح الفرقاء الليبيين في بلورة التشكيلة الحكومية التي طال انتظارها، وأداء الحكومة الجديدة اليمين أمام مجلس النواب، شكل خطوة تاريخية بكل المقاييس قد تكون فاتحة خير للشعب الليبي، الذي عانى خلال هذه السنوات الطويلة.