حرب السودان…. أزمة “مهمّشة” تفتك بالمدنيين (خاص)
في ذروة الانشغال العالمي بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، أصبحت الحرب السودانية حبراً على ورق المجتمع الدولي، الذي لاقى موقفه ولا يزال بشأن هذا الصراع، انتقادات كبيرة، خاصة وأن فشل التوصل لصيغة أو تسوية للتهدئة، شكل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
حرب السودان المستمرة في شهرها العشرين بين الجيش وقوات الدعم السريع، تواصل الفتك بالمدنيين، حيث الارتفاع المتسارع لأعداد القتلى والمهجرين والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان.
ومنذ نيسان / أبريل عام ألفين وثلاثة وعشرين، تاريخ اندلاع الحرب.. تتصاعد حدة المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع، القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”.. الأسباب تتعلق بالسلطة وتقاسمها، دون أي اعتبار للتداعيات، حيث عشرات آلاف الضحايا وملايين المهجرين، فيما بقية السودانيين يعانون من الفقر والأزمات الإنسانية بمختلف أشكالها.
وبحسب أحدث التقديرات الدولية، تسببت الحرب بمقتل نحو مئة وخمسين ألف شخص، ونزوح أكثر من أحد عشر مليوناً آخرين، فيما يواجه نحو ستة وعشرين مليون نسمة انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، إلى جانب خسائر اقتصادية قدرت بمئات مليارات الدولارات، ودماراً هائلاً في البنية التحتية.
زيادة متسارعة في حصيلة الخسائر، تستمر مع تعنت طرفي الصراع استخدام القوة، بعيداً عن أية حلول سياسية، وذلك فيما يبدو أنها محاولات لإرغام أحد الجانبين على تقديم تنازلات لصالح الآخر، ولعل ما يجري في الآونة الأخيرة من تقدم للجيش السوداني في بعض المناطق، خير دليل على ذلك.
ومع التقدم الميداني للجيش، تشير التوقعات إلى منحى جديد في الحرب، ربما يكون مليئاً بالمفاجآت، بحسب مراقبين، خاصة بعد إعلان عضو المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، التجهيز لتنفيذ الخطة “باء”، بالإضافة لكثير من الخطط العملياتية والتكتيكات، والسيطرة، التي قد تفاجئ قادة الجيش في الأيام القادمة، حيث ستكون “حاسمة وموجعة”، وفق وصفه.
ورغم هذه السيناريوهات المخيفة، فشلت حتى الآن جميع مبادرات وقف الحرب في السودان، وآخرها اجتماعات جنيف في سويسرا برعاية أمريكا، منتصف آب / أغسطس الفائت، إضافة للإخفاق الأخير لمجلس الأمن في تمرير مشروع قرار بريطاني يدعو لوقف الحرب وحماية المدنيين، بعد استخدام روسيا حق النقض “الفيتو”.
ونتيجة لما سبق، يرى مراقبون أن السودان بات ساحة صراع بين قوى دولية تريد تغذية النزاع لتحقيق المكاسب، إذا أصبح دور المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم برييلو، لا يتخطى التنسيق لإرسال شاحنات المساعدات من جهة إلى أخرى، بدلاً من التعامل مع القضايا الكبيرة.