حرب إسرائيل متعددة الجبهات وتداعياتها على لبنان والمنطقة (خاص)

بانتظارِ الرد الإسرائيلي المحتمل، على الهجومِ الإيراني على أراضيها، بدايةَ شهر أكتوبر تشرين الأول الجاري، تستمر الهجماتُ الإسرائيلية على لبنان، دون أن تنسى إسرائيل أيضًا، حصةَ قِطاع غزةَ من الصواريخ الجوية والمدفعية، لحصد المزيد من الضحايا الفلسطينيين.

الخسائرُ التي مُني بها الفلسطينيون، وإن كانت أكثرَ من حيث الكم، من خسائر حزب الله، إلا أن خسائرَ الأخير كانت موجعةً من حيث النوعية، إذ لم يكدْ يمرُّ يومٌ واحدٌ دون أن تُعلن إسرائيل عن قتلِ قيادي كبيرٍ في الحزب، وذلك منذ الثامن من شهر تشرين الأول، حيث دخل حزبُ الله على خط المواجهة مع إسرائيل، ضمن ما أسماه بجبهةِ إسناد غزة.

حزبُ الله وإسرائيل أداروا صولاتٍ وجولاتٍ من القصفِ والرد على القصف، لكن، كانت كلها ضمن ما سُمي بقواعدِ الاشتباك، على الرغم من الضربات الإسرائيلية الموجعة، التي كانت توجّهُ للحزب، هذه السيمفونية كان يعزفُها الطرفان على مدى أشهر، لكن أحداثًا وتواريخَ تدخلّت، لتكسر وتخترقَ قواعدَ الاشتباك، وتخرج اللحنَ عن مساره، ليعمَّ النشاز

السابع عشر والثامن عشر من أيلول ..في مشاهدَ تُثير الدهشة والصدمة، تنفجر أجهزة البيجر بأيدي عناصر حزب الله، لتؤدّي لمقتل العشرات وإصابة الآلاف منهم .. السابع والعشرون من الشهر نفسه، يُقتل الأمين العام للحزب حسن نصرالله، مع مجموعةٍ من قيادات الصف الأول، بضربةٍ إسرائيليةٍ على الضاحية ..هذه التواريخُ والأحداث، ولا سيما اغتيال نصرالله، وضعت المنطقةَ في حالة ترقُّبٍ للقادم، سيما أن التصريحات بدأت تنهالُ من ما يسمّى بمحور المقاومة، وخاصةً إيران.

إيران التي لم تنتقم بعدُ من مقتل رئيس المكتب التنفيذي لحركة حماس اسماعيل هنية في قلب طهران، أضافت بندًا جديدًا لقائمة انتقامها..الانتقامُ لحسن نصرالله، أيامٌ مرت والعالم يترقب الردَّ الانتقامي الإيراني على إسرائيل، التي يبدو أنها كانت الوحيدةَ التي لم تكن تنتظر، فكانت عملياتُها وهجماتها على مناطقَ عدة في لبنان مُستمرة، وأيضًا كانت تواصِلُ عملياتها الدقيقة، في استهداف مَن تبقّى من قيادات حزب الله.

الأول من أكتوبر تشرين الأول، كان التاريخ الذي اختارته إيران لتنتقم من إسرائيل، فوجّهت مئاتٍ من الصواريخ نحوها، لكن حول الخسائر والأضرار، لم يكن هناك ما يُذكر، سوى أمورٍ بسيطةٍ لم تكن برأي خبراء، متناسبةً مع أعداد وقدرات الصواريخ الإيرانية.

وبعد الضربة الإيرانية، عاد الانتظار ليكون سيّد الموقف، لكن هذه المرة، انتظارُ إسرائيل وردِّها على إيران، حيث أكدت الأولى أن الردَّ آتٍ لا محالة، وسيكون كبيرًا وفق ما جاء على لسان وزير دفاعها يوآف غالانت، الذي قال إن الرد سيكون دقيقاً وفتاكاً ومفاجئاً.

التهديدات الإسرائيلية بالرد، وفق رأي محللين، تدور في فلك مهاجمة هدفين لا ثالثَ لهما، منشآت النفط والنووي الإيراني، هاذان الهدفان وإن لم تُعلن إسرائيل صراحةً مخططاتها حولهما، لكن كل المؤشرات تدل على ذلك، سيما ما يصدر عن الولايات المتحدة، أقرب المقرَّبين وأوثق الحلفاء، حيث تتحرك واشنطن منذ تنفيذ إيران لضرباتها، على حثِّ إسرائيل لعدم ضرب تلك الأهداف الاستراتيجية، حتى أنها اقترحت وفق تصريحاتِ وسائلَ إعلامية، فرضَ عقوباتٍ على طهران بدلاً من ذلك.

هذه الأحداثُ والتواريخُ المتسلسلة لقصة الحرب، التي ماتزال تدور رحاها على الأراضي اللبنانية، ونوعًا ما الإسرائيلية، وبعد مرور نحو أسبوعين من انتظار الرد الإسرائيلي، يبدو أن المشهدَ بات معقدًا ولا يساعد على التنبؤ بما ستؤول إليه المنطقة، فبرأي محللين، حتى لو كنا معتادين على أن إيران تردُّ فقط لحفظ ماء الوجه، لكن إذا ما استهدفت إسرائيلُ المنشآت النفطية أو النووي الإيراني، فقد يكون ردُّ طهران مختلفًا هذه المرة، قد يكون ردُّها كفيلًا بجر المنطقة إلى حربٍ شاملة، وعلى الطرف الآخر إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، يرى في كل ما يجري فرصةً ذهبيةً لتحقيق مخططاته الإقليمية في المنطقة.. مخططاتٌ لن يكون مصيرُ عدة دولٍ عربية خارجَها.

قد يعجبك ايضا