حجاب دبلوماسي

لا أدري إن كان على ستيفاني خوري رئيسة بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالوكالة أن تضع على رأسها حجابا خلال حركاتها وتنقلاتها في طرابلس وكلما قابلت مسؤولين أو استقبلت ناشطين، أو كلما نزلت في المطار أو تنقلت في الشوارع على متن سيارة البعثة حتى لا يتم توقيفها من قبل شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تقرر أن يطلق عليها اختصارا وتمويها اسم شرطة الآداب .

مبدئيا، يبدو أن قرار وزير الداخلية عماد الطرابلسي ينطبق على خوري، كما ينطبق على الدبلوماسيات الأجنبيات المعتمدات داخل الأراضي الليبية، وعلى كل سيدة أجنبية قررت أن تزور ليبيا للعمل أو السياحة أو المجاملة. لقد انتهى زمن السفيرة الأميركية ديبورا جونز وهي ترفس البازين في حضرة مضيفيها، وزمن السفيرة البريطانية كارولين هورندال وهي تختال في اللباس التقليدي الليبي في ساحة المهرجانات، وعلى كل سفيرة مقيمة في طرابلس تنوي مستقبلا القيام بأيّ نشاط دبلوماسي أو اجتماعي أو ثقافي أو غيره، أن تعلم أن لا وثيقة الاعتماد تحميها، ولا سطوة بلادها يمكن أن تعفيها من ضرورة ارتداء الحجاب، كما أن الجلوس إلى جانب سائق غير محرم بالنسبة إليها قد تكون له تبعات من الضروري التنبه إليها حتى ولو كانت السيارة تحمل لوحة دبلوماسية أو لوحة مراسم .

بالنسبة إلى الوزيرة أو السفيرة أو المديرة التي تقود سيارتها بنفسها وهي سافرة عليها أن تدرك جيدا أنه سيتم احتجازها وحجز السيارة، والقرار لا تراجع فيه، والوزير الطرابلسي قالها وبوضوح، “من يريد الحريات الخاصة عليه أن يذهب للعيش في أوروبا “.

عندما أطاح الضباط الشبان بالنظام الملكي في فاتح سبتمبر 1969، سارعوا إلى إغلاق الملاهي والبارات ومنع الخمور والمشروبات الكحولية في كامل أنحاء البلاد، ولكن لم يفلحوا في منع الناس من أن يمارسوا رغباتهم سواء في الداخل أو في خارج الحدود، وإلى اليوم لا تزال تلك القرارات نافذة، وبين الحين والآخر تعلن السلطات عن اكتشاف مصانع محلية للخمور في بلد ينتج أجود أنواع العنب والتين والتمور. بينما يستطيع الفاعلون البارزون في المجتمع جلب الأصناف الفاخرة، ويلجأ الفقراء إلى المخدرات الرديئة وحبوب الهلوسة رخيصة الثمن .

في نهاية السبعينات من القرن الماضي، قاد الزعيم الراحل معمر القذافي حملة على الآلات الموسيقية الغربية مثل الأورغ والقيثارة والأكورديون وأشرف على حفل لحرقها في ميدان عام، وهو ما جعل عددا من المواهب يهاجر إلى القاهرة مثل حميد الشاعري وإبراهيم فهمي وناصر المزداوي حيث كان لهم أثر كبير في تجديد المشهد الغنائي المصري والعربي عموما .

في ليبيا اليوم كل من يتحدث عن الفلك والأبراج ولو من باب الترفيه يمكن أن يجد نفسه خلف القضبان لسنوات طويلة طبق قانون السحر والشعوذة الذي صادق عليه مجلس النواب وتم الإعلان عن تفعيله بداية من مايو الماضي حتى يعلم الجميع أن لا مجال لأي سحر أسود أو أحمر، ولا مكان للعرافات والمنجمات، ولا مجال للمشعوذين أو قارئي الرمل والمندل والفنجان.

المشكلة أن هذا القانون رفع من مستوى حمى الشعوذة في البلاد، انطلاقا من أن السحر موجود في القرآن ومنعته الدولة، وبالتالي لا يمكن إنكار تأثيره على الناس.

الكاتب :الحبيب الأسود

المصدر : العرب اللندنية