جولة الصحافة من قناة اليوم

تيلرسون فشل في خفض التوتر بين أمريكا وتركيا

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن الشيء الوحيد الذي اتفق عليه الجانبان التركي والأمريكي، هو أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى نقطة الأزمة، الأمر الذي استدعى تأجيل المفاوضات حيال القضايا الخلافية إلى الشهر المقبل.

وكان وزير الخارجية الأمريكية، ريكس تيلرسون، قد عقد الجمعة في العاصمة التركية أنقرة جولة محادثات مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استمرت قرابة ثلاث ساعات.

ولم يتضمن البيان المشترك الذي صدر عقب تلك المحادثات، سوى تأكيد الاحترام المتبادل وأيضاً وعود بالحديث عن مجمل هذه القضايا.

العلاقات بين البلدين تفاقمت منذ سنوات، ووصلت هذه العلاقات إلى أدنى مستوياتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، عندما بدأت تركيا هجومها على غربي سوريا؛ لطرد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أمريكياً والذين تعتبرهم تركيا انفصاليين ويشكلون تهديداً كبيراً لأمنها القومي.

وفي تصريح وصفته الصحافة الأمريكية بالـ”خطير”، قال أردوغان قبيل وصول تيلرسون إلى أنقرة إن بلاده على استعداد لتوجيه صفعة عثمانية للقوات الأمريكية، إذا وقفت في طريق العمليات التركية.

تيلرسون وعقب محادثاته في أنقرة، قال: إن “وقت العمل المنفرد بالنسبة لتركيا وأمريكا انتهى، فلقد تعهد بأن بلاده ستعمل على التنسيق مع تركيا، لن نتصرف بمفردنا فترة أطول، لن تفعل الولايات المتحدة شيئاً وتفعل تركيا شيئاً آخر”.

ولكن الحرب في سوريا ليست هي نقطة الخلاف الوحيدة بين واشنطن وأنقرة، فإدارة ترامب منزعجة من الرئيس أردوغان وطريقة حكمه التي تصفها بالاستبدادية، وأيضاً من العلاقة المتنامية بين تركيا وروسيا.

تيلرسون عبّر عن قلقه البالغ إزاء استمرار احتجاز موظفين محليين في تركيا، بينهم بعض المواطنين الأمريكيين الذين أُلقي القبض عليهم في ظل حالة الطوارئ بالبلاد، داعياً إلى الإفراج عن مواطنيه الأمريكيين الذين اعتُقلوا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة قبل عامين.

زيارة تيلرسون إلى تركيا هي جزء من سلسلة اجتماعات عقدها كبار المسوؤلين الأمريكيين مع نظرائهم الأتراك، آخرها كان لقاء وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس مع نظيره التركي في بروكسل قبل أيام، وأيضاً اللقاء الذي عقده مستشار الأمن القومي الأمريكي، إتش ماكماستر، في إسطنبول، مع مستشار الرئيس التركي، إبراهيم كالين.

بذور الخلاف التركي–الأمريكي تعود إلى عام 2014 عندما اجتاح تنظيم “داعش” العراق وسوريا، يومها ناشد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، نظيره التركي رجب طيب أردوغان المساعدة في مكافحة المسلحين، إلا أن أردوغان رفض ذلك في البداية.

تقول الصحيفة الأمريكية اضطرت واشنطن، إلى الاستعانة بقوات كردية بالإضافة إلى الجيش العراقي، من أجل دعمهم على الأرض وتشكيل قوة لمحاربة تنظيم “داعش”.

دعم أمريكا للأكراد أثار غضب ليس أنقرة وحسب، وإنما حتى بغداد، فلقد قامت القوات العراقية، في أكتوبر الماضي، بمهاجمة القوات الكردية في كركوك الغنية بالنفط والسيطرة عليها، أما في سوريا فيبدو أن المشكلة بدأت الآن.

وتقول الصحيفة: “لقد سعت واشنطن إلى محاولة تهدئة مخاوف أنقرة، بتأكيد أن هذا الدعم محدود، إلا أن الأنباء التي تحدثت عن نية واشنطن تشكيل قوة من 30 ألف مقاتل كردي في سوريا، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث تبعها مباشرةً، هجوم عسكري تركي ضد المليشيات الكردية في عفرين”.

وتنظر تركيا إلى القوات الكردية في سوريا على أنها ذراع لحزب العمال الكردستاني، ومما عزز المخاوف التركية أن تقريراً استخباراتياً أمريكياً أشار هذا الأسبوع إلى أن الجماعات الكردية في سوريا، ربما تسعى للحصول على حكم ذاتي، وهو ما تخشاه تركيا.

واشنطن تدق إسفينا بين إيران وروسيا

“فوينيه أوبزرينيه” الروسية، نشرت تحت هذا العنوان مقالاً للكاتب أوليغ تشوفاكين، عن الغموض الذي يكتنف العلاقات بين طهران وموسكو، مستنداً إلى رأي باحث أمريكي شهير.

وجاء في المقال: يقول صموئيل راماني، وهو مدرس في كلية سان أنطوني بجامعة أكسفورد، وكاتب دائم في «The Washington Post» و«The Diplomat»  و «The National Interest»، إن الاستقرار طويل الأمد للعلاقات بين موسكو وطهران لا يزال غير واضح. وقد أعرب عن هذا الرأي  في مجلة ” The Diplomat “.

ويرى راماني، وفقا للمقال، أن عدم اليقين من “رسوخ” الشراكة الروسية الإيرانية تفسره التناقضات في رؤية الطرفين الاستراتيجية للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط.

فرؤية روسيا الاستراتيجية تركز بشكل رئيس على القضاء على مصادر عدم الاستقرار والحيلولة دون التدخل العسكري الأميركي، وترى روسيا أن حملتها السورية “خطوة متكاملة نحو تحقيق هدفها الأوسع المتمثل في أن تصبح ضامنا لا غنى عنه للأمن الجماعي في الشرق الأوسط”.

بينما تركز إيران، في المقام الأول، على توسيع نطاق نفوذها في الشرق الأوسط وبناء القدرة على مواجهة السعودية في العالم العربي. ووفقاً لراماني فإن هذه الأهداف التوسعية، تجبر إيران على التعاون بنشاط “مع الأطراف المتحاربة غير الحكومية” والمشاركة في أعمال عسكرية “تقوض فعالية مبادرات موسكو للتسوية السياسية”.

ويضيف أن آفاق التعاون البنّاء بين روسيا وايران لحل النزاعات الأخرى، في اليمن وأفغانستان، أيضا لا تبدو عظيمة.

ففي اليمن، تدهورت العلاقة المتوترة أصلا بين روسيا والمتمردين (الحوثيين) أكثر بعد اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 5 ديسمبر. ودفع هذا التوتر موسكو إلى إقامة علاقات أوثق مع السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لحل الأزمة.

ويضيف المقال أن التناقض في الأهداف، كما يقول راماني، يحد من فرص التعاون الروسي مع إيران حول أفغانستان. فروسيا تتعجل تسوية سياسية أفغانية تضم طالبان كطرف، بينما تريد إيران التوصل إلى تسوية سلمية في أفغانستان على مدى طويل بالوسائل العسكرية، أي بتقديم مساعدة عسكرية لقوات طالبان بالقرب من حدودها. ويتخوف السياسيون الروس من أن تعيق طهران عملية السلام الأفغانية.

ولكن، إذا مضى ترامب حقا في إلغاء “الاتفاق النووي” مع إيران، فإن طهران ستدير وجهها صوب روسيا. ويمكن لأولئك الذين يتعرضون للعقوبات أن يتحدوا ضد الذين يعاقبونهم.

وينتهي المقال إلى أن الخبراء، لهذا السبب، ينصحون ترامب بعدم الضغط على إيران مباشرة، إنما محاولة إيجاد شرخ في تعاونها الذي يعاني ضعفا مع روسيا وتوسيع هذا الشرخ.

سيطرة روسيا على غاز المتوسط

وفي الشأن الاقتصادي، تناولت صحيفة “الحياة” اللندنية، مقالاً للكاتب والمختص الإقتصادي عدنان كريمة، عن أطماع روسيا بالسيطرة على حقول الغاز شرق المتوسط. جاء في المقال رغم إجراءات المقاطعة منذ أزمة أوكرانيا في عام 2014، قفزت صادرات شركة «غاز بروم» الروسية 8 في المئة العام الماضي، إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق لتبلغ 194 بليون متر مكعب، بفضل زيادة الطلب وانخفاض الأسعار.

وبما أن إمدادات الغاز الروسي لأوروبا أصبحت مسألة سياسية، والغرب يتهم روسيا باستخدام هذه المادة كسلاح «استراتيجي»، فإن موسكو بدورها ترد الاتهام على الغرب، في وقف مشاريعها الجديدة لإنشاء خطوط أنابيب، لأسباب سياسية واقتصادية. وفي الوقت ذاته حذرت أوروبا من السعي إلى الاعتماد على واردات الغاز الأمريكي لتغطية الطلب المتزايد، بدلاً من زيادة مشترياتها من روسيا، خصوصاً أن إدارة الرئيس ترامب تنوي تحقيق العدالة والتوازن في أسواق الطاقة، بعرض غاز أمريكي على أوروبا وآسيا، بهدف تقليص ما أطلقت عليه «القوة المشوهة للسوق»، لجهات فاعلة مثل روسيا ودول «أوبك».

تأتي هذه التطورات في وقت سجلت موسكو إنجازات إيجابية في الصراع الدولي والإقليمي على أسواق الغاز العالمي، لا فقط على غاز المتوسط، مستفيدة من نفوذها المتزايد في المنطقة العربية، وتطورات مصالحها السياسية والاقتصادية مع تركيا، فضلاً عن تحالفها الكبير والمتين جداً مع الصين.

وبما أن حوض البحر المتوسط هو بين المناطق «الأغنى» في العالم بالغاز، ومن يملك سوريا، يملك الشرق الأوسط، وبوابة آسيا، ومفتاح بيت روسيا (بحسب كاترين الثانية)، وأول طريق الحرير (بحسب استراتيجية الصين)، فهو يستطيع أن يتحكم بالنظام الاقتصادي العالمي. ومن هنا يمكن معرفة الأسباب الحقيقية لتمسك روسيا بوجودها في سورية والذي قد يمتد إلى أكثر من 100 سنة، بموجب اتفاقات وقعتها مع نظام بشار الأسد، وهي مستعدة لخوض حرب عالمية من أجل استمرار نفوذها والحفاظ على مصالحها في هذه المنطقة الحيوية.

منذ نحو 27 سنة، وبالتحديد بدءاً من تسعينات القرن الماضي، تسارعت وتيرة استكشاف النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، انطلاقاً من حوض النيل في المنطقة الاقتصادية المصرية الخالصة، إلى حوض المشرق، أو كما سماه جغرافيو العرب بـ «حوض الشام»، ويغطي مياه غزة وفلسطين وشرق قبرص وسورية ولبنان. واستناداً إلى نتائج أعمال هذه الاكتشافات، بخاصة تلك التي أجرتها المؤسسة الأمريكية للمسح الجيولوجي والتي شملت مساحة 83000 كيلومتر مربع، تم تقدير متوسط موجودات الغاز الطبيعي بنحو 122 تريليون قدم مكعبة، والسوائل بنحو 1.7 بليون برميل.

ونظراً إلى أهمية هذا المشروع وانسجاماً مع أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، وقعت شركة «روسنفت» أخيراً صفقة مع شركة «إيني» الإيطالية بشراء نسبة 30 % من نسبة اكتشافات تتجاوز 32 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في حقل «ظهر» شمال حوض النيل المصري، ببليون و250 مليون دولار. أما بالنسبة للبنان فقد دخلت شركة «نوفاتك» الروسية بشراكة بنسبة 20 في المئة، في مقابل 40 في المئة لكل من شركتي «إيني» الإيطالية و «توتال» الفرنسية، للتنقيب واستثمار للرقعتين رقم 4 في الشمال ورقم 9 في الجنوب.

وبما أن الهدف الاستراتيجي هو تصدير الغاز عبر الأنابيب إلى أوروبا، برزت تركيا عقدة الحل في المعادلة، خصوصاً أنها تضغط لتكون جزءاً من الاتحاد الأوروبي، وورقة الطاقة بيدها وهي متحمسة جداً للإمساك بالأمن «الطاقوي» الأوروبي. وقد تسارعت الخطوات بتوقيع الاتفاقات بين موسكو وأنقرة، وكذلك الخطوات التنفيذية، حيث تم إنجاز نحو 170 كيلومتراً من أنابيب خط «السيل التركي» جرى مدها تحت مياه البحر الأسود. ويتكون المشروع من خطين، يخصص أحدهما لنقل الغاز إلى تركيا لتلبية حاجاتها والثاني لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.

قد يعجبك ايضا