جولة الصحافة من قناة اليوم
“الورطة السورية”
خصصت صحيفة “التايمز” البريطانية، مقالة افتتاحية فيها للشأن السوري، تحت عنوان “الورطة السورية” ينطلق مما تراه خطر تصعيد في سياق الأزمة السورية بعد الاشتباك الأخير بين قوات موالية للولايات المتحدة وأخرى للحكومة السورية.
وتنطلق الافتتاحية من حادثة مقتل نحو 100 شخص من قوات موالية للحكومة السورية في قصف مدفعي وجوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، فترى أنها تعطي مؤشراً عن: كيف أن الحرب الدائرة في سوريا منذ سبع سنوات يمكن أن تنتهي إلى نزاع أوسع بين القوى الكبرى.
وترى الصحيفة أن الحادث الأخير كان لصد هجوم أرضي يهدف إلى اختبار مدى رغبة واشنطن في الدفاع عن وجودها العسكري في شرقي سوريا.
وتضيف أن هجوم القوات الموالية للحكومة السورية الذي استهدف حسب ناشطين محليين وحدات من قوات سوريا الديمقراطية يقودها مقاتلون كرد وتحظى بدعم واشنطن، كان يهدف إلى إجبار واشنطن على سحب قواتها الخاصة من المنطقة الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، فضلا عن كونه جس نبض لمدى إمكانية إعادة سيطرة النظام في دمشق على كامل مساحة البلاد.
“مقتل 100” من القوات الموالية للحكومة السورية في ضربات جوية للتحالف الدولي
قوات سوريا الديمقراطية “تسيطر” على حقل العمر النفطي الاستراتيجي بدير الزور
وترى الصحيفة أيضا أن الهجوم كان أيضا محاولة لاستثمار العملية العسكرية التركية ضد حلفاء الولايات المتحدة من الوحدات المسلحة الكردية في شمالي غرب سوريا.
وتشير الصحيفة إلى أن مقتل هذا العدد من القوات الحكومية السورية وحلفائها يمثل إهانة للرئيس السوري بشار الأسد قد تثير مواجهة بين الأمريكان والروس الذين يدعمون نظامه، وإن التصعيد في النزاع بات يمثل خطراً حقيقياً.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة حافظت على اتصالات مع مراكز القيادة الروسية الميدانية في المنطقة خلال الهجوم لمنع اندلاع أي مواجهة، كما فعلت من قبل في تنسيق ضرباتها الجوية ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
وترى الافتتاحية أن الروس يلعبون لعبة مزدوجة، أذ يحرصون على الظهور بمظهر الحلفاء في قتال تطرف تنظيم الدولة الإسلامية وصناع السلام المستعدين لدفع حكومة الأسد باتجاه المصالحة الوطنية، لكن خطط سلامهم، في الحقيقة، باتت الآن تعمل بالاتفاق مع إيران وتركيا على استبعاد أي دور غربي في المنطقة.
وتستشهد الافتتاحية بالحالة الأفغانية لتشير إلى أن خروج القوات الأمريكية سيخلف فراغاً، سيسعى تنظيم الدولة الإسلامية الذي اختفى تحت الأرض ولم ينته كلياً إلى استغلاله، لتخلص إلى أن دور الولايات المتحدة الرئيسي في فوضى ما بعد دولة الخلافة هو حفظ الاستقرار، وينبغي على موسكو وأنقره أن تقبلا بهذا الدور.
على أمريكا أن تتحاور مع تركيا بشأن سوريا
دعا الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، ديفيد إغناطيوس، إلى ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة بوضع حد للفوضى في سوريا.
وأشار إلى أن الوضع هناك غاية في التعقيد، وأن القوات الكردية في سوريا التي دعمتها واشنطن في حربها ضد تنظيم “داعش” هي شريك غير مريح، ومن ثم فإنه من الضروري الحوار مع تركيا.
وفي إطار وصفه للمشهد في سوريا قال الكاتب إن يوم الأربعاء كان يوماً لا يشبه بقية الأيام في الشرق الأوسط، ففي وقت مبكر من نهار ذلك اليوم كان قادة في الجيش الأمريكي يقفون بالقرب من تلة مراقبة لمتابعة سير المعارك التي تخوضها تركيا ضد حلفاء أمريكا في شمالي سوريا؛ الأكراد.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم شنت القوات النظامية السورية هجوماً على مواقع تابعة للمقاتلين الأكراد على بعد خمسة أميال من شرق نهر الفرات، وتحديداً بالقرب من حقول النفط السورية، كما أن تلك القوات المدعومة من أمريكا تعرضت لقصف جوي من قبل الطائرات التركية أثناء الهجوم على عفرين.
“درس الأربعاء”، كما يصفه الكاتب، يشير بوضوح إلى حجم الالتباس في سوريا وعلى كل الجبهات، فتركيا وأمريكا تتحركان ببطء نحو المواجهة منذ أن قررت الولايات المتحدة خوض الحرب على تنظيم “داعش” قبل ثلاث سنوات ونصف، حيث وجدوا في الأكراد السوريين أفضل شريك للقيام بهذه المهمة، فشكلت قوات سوريا الديمقراطية، وهو ما سبب غضباً في أنقرة؛ لكونها ترى في هذه الجماعات جماعات إرهابية، على الرغم من أن أنقرة لم تقدم بديلاً عن الأكراد لمحاربة تنظيم “داعش”.
وتساءل الكاتب كيف يمكن للولايات المتحدة أن تفك خيوط هذه الفوضى حتى تتمكن من إنهاء مهمة مكافحة تنظيم “داعش”؟
يقول الكاتب إن أمريكا تحتاج إلى الحوار مع تركيا وتخفيف التصعيد معها، فمحاربة تنظيم “داعش” أخذت بالتباطؤ كما يؤكد الجنرال بول فونك، قائد القوات الأمريكية في سوريا والعراق، مبيناً أن “هذه الفوضى يمكن أن تسمح لمقاتلي التنظيم بالهرب إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا”.
عملت الولايات المتحدة الأمريكية مع القوات الكردية لمحاربة تنظيم “داعش” شرق سوريا، والآن فإن الهمة العسكرية يبدو أنها قد شارفت على الانتهاء لتبدأ بعدها الصفحة الدبلوماسية، وهو ما يفسر الإعلان عن زيارة مرتقبة لمستشار الأمن القومي الأمريكي ماكماستر إلى أنقرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، على أمل أن تؤدي هذه الزيارة إلى مصالحة تركية – أمريكية.
لا شيء في الشرق الأوسط، كما يقول الكاتب، يبدو كما تراه بالضبط، فكل انتصار يفتح الباب أمام مشكلة جديدة، مشكلة لا يمكن لها أن تحل عبر اللغة العدائية.
ويختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن القوات الكردية السورية كانت شريكاً جيداً للولايات المتحدة، ولكنها أيضاً كانت شريكاً غير مريح، ورغم ذلك فإن التخلي عنهم سيكون خطأ سيئاً، وأيضاً لا ينبغي للولايات المتحدة أن تترك المعارك بين تركيا والأكراد تتصاعد، ويمكن القول إن الوقت الآن وقت الدبلوماسية الصلبة.