جولة الصحافة من قناة اليوم
الشرق الاوسط: دروس وعبر للسودانيين
ليبيا لم يكن لديها جيش إبان حكم الرئيس السابق العقيد معمر القذافي، لأنه خشي منه. وكل من سوريا والعراق كان جيشاهما ذوي عقيدة «بعثية» لا وطنية، واليمن منذ الإطاحة بنظام علي عبد الله صالح انقسم انقساماً قبلياً على نفسه. ربما مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي عبر بها جيشها زوابع «ثورة 25 يناير» 2011 وأوصلها إلى بر الأمان.
هناك نقاط مشتركة تربط بين الثورة المصرية والثورة السودانية، أهمها أن الجيش السوداني تولى حماية المطالبين بإسقاط نظام عمر البشير حتى تم إسقاطه. لكن الشارع السوداني لديه عقدة تاريخية من العسكريين، والعقدة مبررة إلى حد ما، إلى الحد الذي لا يتسبب بالفوضى ولا حالة الاعتصام الطويلة التي تهدد بها «قوى الحرية والتغيير».
الواقع أن الشارع العربي أصبح أكثر وعياً عما كان عليه في بداية الثورات عام 2011، الوعي جاء بعد دروس متبادلة بين الدول التي سقطت أنظمتها. وأهم درس يمكن للسودانيين والجزائريين الاتعاظ منه هو أن إسقاط الأنظمة ليس الخطوة الأصعب، بل إدارة الدولة بعد زوال نظام استمر فيها طويلاً وعمل معه الصالح والفاسد في المؤسسات المدنية والعسكرية.
«قوى الحرية والتغيير» في السودان، ومن ضمنها «تجمع المهنيين» الذي تشكل خلال السنوات الماضية من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعة ومعلمين وغيرهم، هذه القوى لا ترفض المجلس العسكري الانتقالي بالعموم، لأنها تحتاج إليه لضبط الشارع وحمايته من الدخلاء، لكنها في الوقت نفسه تخشى أن يلتف على ثورتهم، حتى أنهم أصبحوا يخيفون أنفسهم بأنفسهم من شبح العسكر ويهولون المواقف.
المجلس العسكري هو المنظم للعملية الانتقالية، والضامن لسلامة الشارع، والممثل للسودان في الخارج، وبالتالي على هذه القوى أن تثق برئيس المجلس حينما أكد أن لا أطماع لديهم في السلطة، وأن دورهم حراسة المرحلة الحالية والانتقالية حتى تستقر الأمور.
السودانيون أمامهم دروس كثيرة للعبرة والعظة، أهمها الدرس المصري. وخلال هذه الفترة الحساسة من مصلحة السودانيين أن يثقوا في جيشهم، ويتعاونوا معه، خصوصاً أنهم لا يختلفون على شخص رئيس المجلس العسكري، ولا يشككون في وطنيته ونزاهته.