تخلى عنها الجميع.. جمهورية “آرتساخ” تعلن حل نفسها

في قضيةٍ هزّت ضمائرَ الأحرار حول العالم، ترك السكان الأرمن في إقليم آرتساخ كل شيءٍ وراءَهم … أرضهم بيوتهم … حتى ذكرياتهم وأحلامهم تركوها بعد أن تخلّى الجميع عنهم…..تلك القضية المعقدة والشائكة منذ عشرات السنين، باتت اليومَ صرخةَ وجعٍ بعد أن استفردت أذربيجان بها بتواطؤٍ دولي، وحلَّتها على طريقتها الخاصة، وسط انشغال العالم بقضايا أُخرى على رأسها أوكرانيا.

التهجير القسري من الأرض والديار… هذا هو الحل الذي فرضته أذربيجان، مُستلهمةً ذلك من نهج أنقرة في الشمال السوري المحتل، وأسلافهم العثمانيين قبل مئة عام، إبَّان مجازر الأرمن والإبادة الجماعية التي تعرَّض لها هذا المكون، فالتاريخ يعيد نفسه في كثيرٍ من الأحيان….

اليوم انتهى كل شيء… فقد أصدر زعيمُ الإقليم سامفيل شهرمانيان مرسومًا، بحل جميع مؤسسات الدولة بحلول نهاية العام قائلًا إن جمهورية آرتساخ ستزولُ من الوجود اعتبارًا من الأوّل من كانون الثاني/يناير 2024…. المرسوم صدر بُعيد إعلان يريفان فرار أكثرَ من خمسةٍ وستين ألفَ شخصٍ من آرتساخ إلى أرمينيا….

والأحد الماضي، أعادت أذربيجان فتحَ الطريق الوحيد الرابطِ بين إقليم آرتساخ وأرمينيا، وهو ممر لاتشين الذي تحرسه قوات حفظ سلامٍ روسية، أعقبه توافدُ عشرات الآلاف مع أغراضهم وسياراتهم باتجاه أرمينيا….يقول بعضهُم إنهم تعرضوا لنكبةٍ جديدةٍ وإنهم لا يتمنون لأحدٍ ما حدث معهم.

وأمرت أذربيجان الخميسَ بوضع الزعيم السابق لآرتساخ روبن فاردانيان قيدَ الحبس الاحتياطي لمحاكمته في وقتٍ لاحق……أيةُ محاكمةٍ، وكيف يكون القاضي هو نفسُهُ الجلاد…يتساءَل مراقبون…

رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان اتهم أذربيجان بتنفيذ حملةِ “تطهيرٍ عرقي” في آرتساخ، وقال إنه “لن يبقى أيُّ أرمنٍ في الإقليم “في الأيام القادمة” مؤكداً أن الأمر يشكّل تطهيرًا عرقيًا، وأنه حذر المجتمعَ الدولي من ذلك منذ مدةٍ طويلة.

دافيد بابايان مستشار رئيس (جمهورية أرتساخ) وصف ما حدث بوصمة عارٍ على جبين العالم المتحضر بأسره، وأن التاريخ سيذكر ذلك…مؤكداً أن الجميع تخلَّى عنهم بمن فيهم روسيا والغرب وأرمينيا.

ومادمنا نتحدث عن روسيا فقد زعمت الأخيرة أنها ستحمي آرتساخ… لكن الأمور بخواتيمها والخاتمة كانت فاجعةً تاريخيةً سيتذكرها الأرمن على مر العصور.

هجومُ أذربيجان على آرتساخ انتهى بعد أربعٍ وعشرين ساعةً من بدئه في العشرين من أيلول/سبتمبر الحالي لتنتهي معه أحلامُ الأرمن هناك واضطرارهم لتسليم أسلحتهم، تنفيذًا لاتفاقيةٍ برعاية روسيا …. والنتيجةُ إسدال الستار على إحدى الملفات التي سلَّطت الضوءَ على حقيقةٍ مَفادُها أن حلَّ قضايا الشعوب المغلوبة على أمرها يبقى غائباً مادامت المصالح هي الحكم، ما يعني أن شعارات حقوق الإنسان ليست سوى حبر على ورقٍ وضرب من الوهم والخيال.

قد يعجبك ايضا