بعد أن بات أحد أركان المعادلة السياسية التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي 2254 بشأن سوريا من الماضي والمتمثل برأس النظام السوري السابق بشار الأسد، تحولت القضية المتعلقة بتطبيق القرار الأممي إلى مثار جدل وأخذ ورد، استناداً للواقع الجديد والمفاجئ الذي فرض في البلاد.
القرار كان قد أصدره مجلس الأمن في عام 2015، ورغم الدعوات المتكررة التي وجهتها الأمم المتحدة لتنفيذه، إلا أن نظام الأسد أصر على عدم قبوله سواء بشكل فعلي أو حتى على صعيد اللغة الرسمية التي كان يعتمدها، ومع انتهاء حكمه تثار التساؤلات عن السيناريوهات التي تنتظر تطبيق القرار وما إذا كان سيظل سارياً بجميع بنوده أو قد يتم اللجوء إلى مسار آخر بحكم الواقع السياسي والأمني الجديد.
مراقبون للشأن السوري اعتبروا أنه من حيث المبدأ فإن القرار 2254 فقد بعض صلاحيته بسقوط أحد أطرافه وهو النظام السوري، حيث تم تصميم القرار كإطار تفاوضي بين النظام وما تسمى “المعارضة” حينها، ومع غياب أحد الطرفين يصبح الاستمرار بالعمل به غير ممكن ببعض أركانه، دون معالجة الثغرات البنيوية التي استغلها النظام السوري وأجهزته الأمنية لسنوات.
ومع وجود حكومة سورية مؤقتة تواجه تحديات كثيرة في الوقت الراهن، فإن القرار لا يزال قابلاً لإعادة توظيف بعض بنوده كأساس لعملية انتقالية جدية شريطة تحديثه وتجاوز ثغراته السابقة، وذلك يتطلب وضع آليات تنفيذ فعالة تضمن مشاركة جميع الأطراف السورية دون إقصاء في حوار وطني ترافقه حلول توافقية، بالإضافة على اقتصار دور الأمم المتحدة على الإشراف لضمان النزاهة والشفافية، بعيدًا عن الإملاءات بحسب مراقبين.
ولسنوات كثيرة استفاد النظام السوري من بعض بنود القرار وغياب آليات التنفيذ التي كانت ملزمة، ليحوله إلى أداة للمماطلة وكسب الوقت من خلال تفسيرات خاصة به، حيث عرقل أي تقدم فعلي نحو انتقال سياسي حقيقي في البلاد، معتمداً في ذلك على حلفائه الدوليين لتجنب التزامات حقيقية، مما أفشل الجهود الدولية الرامية لتحقيق التسوية وجعل من القرار جزءا من المشكلة بدلاً من الحل.