ثورة 19 تموز شمال وشرق سوريا.. 12عاماً من الإدارة الذاتية وبناء مجتمع ديمقراطي تعددي( خاص)

مع حلول الذكرى الثانية عشرة لانطلاق ثورة التاسع عشر من تموز/ يوليو في مناطق شمالِ وشرق سوريا، التي بدأت شرارتها من مدينة المقاومة كوباني، وانتقلت توالياً إلى كافة المدن الأخرى، وسط حالة من التخبط كانت تعيشها سوريا، في ظل الصراع بين قوات الحكومة السورية والفصائل المسلحة التي كانت تتبع لما يعرف بالمعارضة السورية.

ثورة التاسع عشر من تموز/ يوليو أو كما عُرفت بثورة روج آفا، خلقت واقعاً جديداً، واتخذت لنفسها خطاً جديداً يدعو للحوار، والوصول بسوريا إلى بر الأمان، وحمايتها من التدخلات الدولية والإقليمية، القائمة على تفضيل مصلحتها الضيقة على مصلحة السوريين.

وكانت سوريا منذ ستينيات القرن الماضي تحت حكم الحزب الواحد، والحياة السياسية الديمقراطية بحالتها الطبيعية مغيبة فيها بفعل فاعل، وهو ما أدى لخلق تراكمات عديدة، ظهرت نتائجها جليّة مع بدايات الأزمة في ربيع عام 2011.

التغيير الذي شهدته سوريا مطلع العشرية الثانية في الألفية الجديدة، خلق مستجدات ساعدت سكان شمال وشرق سوريا على النهوض وإطلاق العنان لثورتهم المستمدة من أفكار ثورية آمنت بها شعوب المنطقة لتحقيق أهدافها في الوصول إلى الهدف المنشود وهو سوريا ديمقراطية لا مركزية.

ثورة التاسع عشر من تموز يوليو تكنى كذلك بثورة المرأة، لأن المرأة لعبت خلالها دوراً بارزاً، مستفيدة من وعيها السياسي الذي خبرته من تجارب نضالية قبل عام 2011، وهو ما ساعدها على التكيّف مع المتغيّرات التي شهدتها الساحة السورية فيما بعد، للحصول على حقوقها والحفاظ عليها.

الثورة غيّرت الكثير من المفاهيم المجتمعية نحو المرأة، لا سيما مع خوضها لمعارك ضد الإرهاب في عدة مناطق في إقليم شمال وشرق سوريا، ومساهمتها الكبيرة في تحرير القرى والبلدات من قبضة الإرهابيين، وتقلدها مناصب مهمة في الإدارة الذاتية، وعدم بقاءها ضمن الصورة النمطية التي تشكلت عقب الثورات التي شهدتها البلدان العربية في السابق، إذ كانت المرأة حاضرة هناك في المظاهرات، لكنها اختفت عن المشهد فيما بعد.

وجه آخر لثورة التاسع عشر من تموز يوليو تجلى بمشاركة شعبية من كافة القوميات والإثنيات، فكانت جامعة للكرد والسريان والعرب والتركمان والأرمن، وكانت كذلك منبراً لصوتهم المكبوت منذ عقود، في ظل السياسة الإقصائية التي كانت تنتهجها الحكومة السورية.

وبعد اثني عشر عاماً من ثورة التاسع عشر من تموز، تغير الكثير في إقليم شمال وشرق سوريا على كافة الأصعدة والمستويات، إذ ساهمت في تغيير مفاهيم مغلوطة كانت مدرجة ضمن المناهج الدراسية التابعة للحكومة السورية، وأدرجت الإدارة الذاتية حقائق مغيبة في مناهجها لإنشاء جيل واعٍ بحقوقه وواجباته تجاه أرضه وأرض آباءه وأجداده التاريخية.

ثورة التاسع عشر من تموز يوليو، وطيلة سنوات عمرها الاثنتي عشر، كانت في مرمى الاستهدافات من قبل النظام التركي وكذلك الحكومة السورية، وكلاهما حاول وما زال أن يهدم هذه التجربة المرتكزة على أسس ديمقراطية ومبادئ احترام حقوق الإنسان، بغض النظر عن الدين أو اللون أو الجنس.