توقف معمل سايبا.. مؤشر على فتور العلاقة بين دمشق وطهران

في العلاقات الدولية، لا تُحسم التحالفاتُ بالسلاح وحده، بل تتشابك فيها المصالح الاقتصادية والسياسية، لتصوغ ملامحَ المستقبل، وربما يمكننا اعتبار تحالف طهران ودمشق مثالاً حياً على ذلك.

مؤخراً أثار توقف معمل صناعة السيارات الإيرانية في دمشق حالةً من الجدل، إذ لم يعد التوقف مجردَ مسألةٍ اقتصادية، كما يراها مختصون، في ظل التطورات الأخيرة والمتسارعة بخصوص الوجود الإيراني في سوريا، بل بات يُنظرُ إليه كإشارةٍ إلى خلافاتٍ أعمق، قد تُخفي في ثناياها تغيّراً في طبيعة العلاقة بين دمشق وطهران.

معمل “سايبا”، الذي أُطلق عليه اسم “سيفيكو”، وقُدرت تكلفته بحوالي خمسين مليون دولار، كان يُنتج نحو خمسة عشر ألف سيارةٍ سنويًا، بملكية ثمانين في المئة لشركة سايبا الإيرانية، وعشرين في المئة للحكومة السورية.

المشروع الذي كان يُنظر إليه كأحد رموز التعاون الصناعي بين البلدين، بات توقفُه علامةً بارزةً على فتور العلاقات بين الطرفين، خصوصًا بعد تصريحات الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة، سعيد عارف، الذي أكد أن توقف المعمل يعود لوجود مشكلاتٍ بين الجانبين، مشيرًا إلى وجود مصانعَ أخرى متوقفةٍ لنفس الأسباب.

مراقبون يرون أن المسألةَ لا تتعلق فقط بتوقف مصنع، بل بتغيُّرٍ في طبيعة العلاقة التي طالما وُصفت بالاستراتيجية. وتشير تعقيداتُ المصالح المشتركة والسياسات المتداخلة، إلى أن هذه الخلافات ليست عابرة.

محللون وخبراء يرون أن الزيارات الرسمية الأخيرة بين البلدين، تحمل دلائلَ واضحةً على وجود خلافاتٍ بين الطرفين، باعتبار أن التصريحات المرافقة لهذه الزيارات، أصبحت أقل انسجامًا مما كانت عليه في السنوات الماضية.

ومما تجدر الإشارة إليه، أن زيارة المسؤولين الإيرانيين إلى دمشق، والتي طرحت قضايا اقتصادية وأمنية، انتهت بتصريحاتٍ باهتةٍ تشير إلى “استمرار التنسيق” دون التوصل إلى اتفاقاتٍ مَلموسة، كما لم تظهر زيارات المسؤولين السوريين إلى طهران، أيَّ إشاراتٍ لتعاونٍ طويل الأمد بين الحليفين.

وفي ظل تعقيدات المشهد السياسي والاقتصادي بين سوريا وإيران، يشير توقف معمل “سايبا” لبدايةِ مرحلةٍ جديدة في العلاقات بين البلدين، وإمكانية تصاعُدِ التبايُنات إلى مواقفَ أكثرَ وضوحاً في المستقبل القريب، بحسب مراقبين.