تناقض تصريحات هيئة تحرير الشام مع أفعالها يُشعر السوريين بالخطر(خاص)

منذ سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكم في سوريا فجر الثامن من الشهر الفائت، لم يتغيّر شيء في سوريا على أرض الواقع، ولا تغرنكم كثرة الوفود التي تتوافد إلى دمشق منذ ذلك الحين، فالقادمون يحملون شروطاً للاعتراف بالسلطة الجديدة ليس إلا.

باستثناء تركيا، التي يعلم القاصي والداني أطماعها في سوريا، لم تهرول أي دولة نحو الهيئة، بل على العكس، إذ اتخذت عدة دول إقليمية من بينها مصر والعراق والإمارات ضوابط للتعامل معها، فالجميع يعرف خلفيات قادتها، وميول عناصرها.

خطاب الهيئة في وسائل الإعلام وأمام الكاميرات يناقض أفعالها على الأرض، فالانتهاكات بحق بعض المكونات جار على قدم وساق، دون حسيب أو رقيب، بحجة أنها “تصرفات فردية” وإن وجدت محاسبة على هذه التصرفات فهي بالحد الأدنى، ولا تشكل رادعاً لعدم تكرارها في المستقبل.

التشاركية التي يتحدث عنها قادة الهيئة منذ نحو شهر لم تظهر للعيان بعد، وما قرار تعديل المناهج الدراسية إلا خطوة أولى نحو الانفراد بالحكم والرؤية الفصائلية، وفق بعض التحليلات، التي شبهت هيئة تحرير الشام بالنسخة السورية من حركة طالبان في أفغانستان.

كما تسعى الهيئة لحصر السلاح في يدها تحت مسمى وزارة الدفاع، دون تقديم أي ضمانات حقيقية لمن قاتل الإرهاب على مدار سنوات، أو حتى من يشعر أن حقه في سوريا غير مصان دستورياً.

وأكثر ما يخشاه السوريون في الوقت الراهن هو أنهم أسقطوا نظاماً مرتهناً لإيران، ليأتوا بنظام مرتهن لتركيا، فهذه الأخيرة يطلق مسؤولوها تصريحات تُظهر سوريا كأحد الولايات التركية وليست بلداً مستقلاً بحد ذاته.

وحتى الحوار الوطني المزمع عقده في دمشق في الأيام المقبلة، يبقى غامضاً ومبهمَ الأهداف، لا سيما مع إصرار الهيئة على دعوة المشاركين بصفتهم الشخصية، وليس بصفتهم الحزبية أو الكيان السياسي أو الاجتماعي أو الفكري الذي ينتمون إليه.

إذًا، وباستثناء التصريحات، لم تقدم هيئة تحرير الشام أي شيء يشي بأنها تسعى لحكم تشاركي مع كافة أطياف الشعب السوري، في دولة المواطنة، وهذه التصريحات لا تبدد فعلياً مخاوف المكونات السورية التي تختلف فكرياً وعقائدياً مع الهيئة، والتي تتخوف كذلك من أن سعي الهيئة لمهادنتها ما هو إلا لكسب الوقت إلى حين التمكن من الحكم والحصول على الاعتراف الدولي.