طيلةُ سنواتِ الحرب السورية، استغل رئيسُ النظام التركي رجب أردوغان ملفَّ اللاجئين السوريين، على المستويين الداخلي والخارجي ولا سيما من أجل الحصول على تنازلات سياسية وأموال من الدول الغربية.
لكن يبدو أن هذا الملف الشائك بات مصدر إزعاجٍ وقلق للسلطة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والعامة المقرر إجراؤها في يونيو عام ألفين وثلاثة وعشرين، والتي قد ترجح كفةَ المعارضة بعد أن تسببت سياسات أردوغان العدوانية وتدخلاته في السياسة النقدية إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن.
وبحسب مراقبين فإن التعاطف السخي من جانب رئيس النظام تجاه السوريين الفارين من الحرب المستمرة منذ عام ألفين وأحد وعشر، سببه الأساسي هو استغلالهم في صفقاته المشبوهة، وجعلهم ذريعةً لخططه التوسعية في سوريا،واستغلال ظروفهم المادية لتحويل الآلاف منهم إلى مرتزقة في مختلف النزاعات بالعالم.
وبين الاحتفاظ بهم أو إعادتهم إلى سوريا، بات اللاجئون ورقةً يسعى النظام لاستخدامها بالقوة في حملته الانتخابية، خاصة أن معظم استطلاعات الرأي بينت أن ما لا يقل عن ثمانين بالمئة من سكان تركيا يطالبون برحيلهم فوراً.
ويرى مراقبون أن النظام سيطرد عدداً كبيراً من اللاجئين في سبيل الاحتفاظ بالسلطة، لكن العملية قد تكون مكلفةً مادياً ودولياً، كما أنها قد تنقلب عليه، بعد سنوات من ادعائه بأن تركيا لن تغلق أبوابها في وجه اللاجئين.
عملياً لن يكون بمقدور النظام الغارق في المستنقع السوري، طرد جميع اللاجئين، لكنه سيحاول اللجوء إلى تلك البراغماتية المفضوحة ككل مرة للحصول على أقصى فائدة من دون أي اعتبار للقيم ومبادئ حقوق الإنسان.
ويبدو أن تصريحات حليف أردوغان رئيس حزب الحركة القومية دولت بخجلي، والتي طالب فيها بعدم عودة السوريين الذين ذهبوا إلى بلادهم خلال عطلة العيد، تصب في خانة أن النظام بصدد تغيير موقفه، وهو ما عبّر عنه وزير داخلية النظام كذلك سليمان صويلو عندما قال إنهم لن يسمحوا لأولئك الذين يريدون الذهاب لقضاء العطلة بالعودة إلى تركيا.
وعلى الأرض، زادت الاعتداءات على اللاجئين السوريين في تركيا، بحيث لا يكاد يمر يوم دون وقوع هجمات جديدة عليهم وعلى ممتلكاتهم، دون أي رادع حقيقي من قبل الأجهزة الأمنية.
وبعد كل هذه السنوات من استغلال النظام التركي لمعاناتهم، يجد اللاجئون السوريون أنفسهم بين خيارين، فإما العودة إلى مناطق خاضعة للحكومة السورية أو للفصائل المسلحة، حيث تنتظرهم مخاطر عديدة منها الاعتقال والأعمال الانتقامية، أو البقاء في تركيا تحت تهديد الطرد في أي لحظة والتعرض للإهانات والاعتداءات العنصرية بشكل يومي.