تركيا واليونان والعودة إلى طاولة الصراع
بعد اكتشاف شركة نوبل اينرجي الأميركية للغاز في 2011 قبالة قبرص في حقل “افردوديت” والذي يقدّر احتياطيه بنحو 127.4 مليار متر مكعب من الغاز، بدأت جمهورية قبرص اليونانية في 2016 طلب عروض لمنح تراخيص التنقيب عن الغاز والنفط “اوفشور” في ثلاث مناطق، وبين الشركات التي أبدت اهتمامها “ايني” الإيطالية و”توتال” الفرنسية و”اكسون موبيل” الأمريكية.
مما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحذير الشركات الدولية من التعامل مع قبرص في أي مشاريع للغاز، بعد أيام فقط على فشل الجولة الأخيرة من محادثات السلام بين الجانبين اليوناني والتركي في الجزيرة المقسّمة، وهو الفشل الذي أرجعه الجانب اليوناني إلى تمسّك تركيا ببقاء قواتها، وقوامها 30 ألف جندي، في الشطر الشمالي من قبرص.
وأكّد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس استعداده للتفاوض من أجل تسويةٍ سلمية مع القبارصة الأتراك وتركيا، لحلّ الأزمة القبرصية، بشرط وجود جدولٍ زمني للانسحاب الكامل للقوات التركية من شمال الجزيرة، والتوصّل لحلٍّ في إطار المعايير التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة.
وتوعّدَ وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بأن أنقرة ستتّخذ إجراءاتٍ إزاء عمليات التنقيب عن الغاز التي تقوم بها السلطات القبرصية، دون إعطاء تفاصيل.
وعلّق وزير الطاقة القبرصي جورج لاكوتريبيس، الخميس الماضي، للإذاعة العامة “نحن مستعدون لجميع الاحتمالات” وأن “تركيا برأينا ستواصل تحدّيها لنا بشكلٍ أو بآخر”.
وأضاف، يأتي التصعيد في الوقت الذي من المفترض أن تبدأ فيه شركتا الطاقة الفرنسية “توتال” والإيطالية “ايني”، الجمعة، تجربةً للتنقيب قبالة السواحل القبرصية، وكانت الشركتان قد وقّعتا اتفاقاً للتنقيب عن المحروقات في أبريل الماضي.
وفي السياق ذاته، أعلنت نيقوسيا أنها ستواصل التنقيب عن الغاز قبالة سواحل الجزيرة، رغم التحذير التركي من مواصلة هذه المشاريع.
وصرّحت هيئة الأركان العامة للجيش التركي في بيانٍ لها، “بدء السفينة الحربية التركية “غوكتشه أدا” التابعة للقوات البحرية التركية، بمراقبة سفينة “ويست كابيلا” التي تقوم بأعمال التنقيب عن الغاز لصالح قبرص اليونانية.
وذكرت وزارة الطاقة القبرصية أن السفينة “ويست كابيلا” توجّهت بناءً على تعاقد مع شركتي “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية إلى موقع سواحل قبرص لتبدأ التنقيب عن الغاز.
وصرّح أوغلو: إن وزارتي الطاقة والخارجية تعملان معا لأخذ خطواتٍ ضد الإجراءات “الأحادية” من جانب القبارصة اليونانيين.
وتعثّرت محادثات السلام التي تُجرى بوساطة الأمم المتحدة بين الطرفين المتناحرين، واليونان وتركيا وبريطانيا (الدول الثلاث الضامنة)، مع تبادل الاتهامات الأسبوع الماضي بعد فشل الأطراف في التوصّل إلى اتفاقٍ في الصراع الممتد منذ عقود، والذي يشكّل مصدر خلافٍ بين اليونان وتركيا.
وقال أناستاسيادس، الذي يمثّل القبارصة اليونانيين في محادثات السلام، أنه “على تركيا أن تتخلّى عن الحق في التدخّل وعليها أن تضع جدولاً زمنياً واضحاً لانسحاب الجيش التركي”.
وحمّلت اليونان، على لسان وزير خارجيتها بيكوس كوتزياس، تركيا المسؤولية عن انهيار محادثات قبرص، لكن المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو وصف الاتهامات اليونانية بأنها “غير مسؤولة” وبأنها تشكّل مسعى للتغطية على انهيار المفاوضات بسبب انعدام النية الحسنة والإرادة السياسية لدى الجانب القبرصي اليوناني في الجزيرة.