تركيا تقطع شريان الفرات وتستبدله بآخر صناعي

في خطوةٍ خبيثة مليئة بالعدائية، غيّرت تركيا من مسار نهر الفرات لتحرم ملايين السوريين من مياه النهر وطاقتها.

نهر جلّاب الواقع في مدينة تلّ أبيض، والذي ينتهي ويصبّ في نهر الفرات  كان دائماً جلّاباً للخير لشعوب المنطقة قبل أن تجعله الحكومة التركية محمّلاً بالآثام والتراب، من خلال تحايُل أنقرة على مبادئ القانون الدولي، وذلك بتمرير مياه الفرات إلى العراق لإسكاتها بحصّةٍ غير قابلةٍ للشرب، لتحمل بذلك وزر الشعب العراقي والسوري معاً، ولضمان عدم تقديم بغداد احتجاجٍ للأمم المتحدة للمطالبة بالحصّة المُتّفق عليها، الخاصّة بتقاسم المياه بين الدول في الإقليم، وهي سوريا وتركيا والعراق، حيث لجأت أنقرة إلى قطع مياه نهر الفرات عن شمال سوريا وتمريرها إلى العراق عبر مجرى صناعي.

نهر الفرات يُعتبر نهراً دولياً وينبع من تركيا ويمرّ بسوريا ومنها إلى العراق  وتتحكّم بحصّة كلٍّ من البلدان الثلاثة اتفاقياتٌ لتقاسم مياه النهر، إذ أبرمت سوريا، بموجب بروتوكول العام 1987، مع أنقرة اتّفاقاً مؤقّتاً يقضي بأن تمرّر تركيا ما يزيد عن 500 متراً مكعّباً بالثانية من المياه في النهر قرب جرابلس (حوالي 15.5 مليار مترٍ مكعّب سنوياً).

وكانت تركيا قد قطعت مياه الفرات عن سوريا سابقاً، بهدف تحصيل مكاسب سياسية, فعمدت في العام 2014 إلى قطع إمدادات المياه عن المنطقة، ما أدّى إلى انخفاض تدفّق المياه إلى أدنى المستويات.

وفي خطوةٍ مماثلة بدأت هذه الحكومة بتكرار هذا المسلسل المأساوي الذي لايستثني الحجر والبشر، وباشرت بقطع المياه، وذكر موقع “آريت سير أنفو” الفرنسي، أن قطع المياه تم بتاريخ 23 شباط/ فبراير الماضي، الأمر الذي انعكس سلباً وأدّى إلى توقّف عنفات التوليد المائية في سدّ “تشرين”، إضافةً إلى انخفاضٍ كبيرٍ في مستوى احتياطيات المياه للسدود الثلاث، البعث والطبقة وسدّ تشرين، وأن نسبة الممرّ المائي لم يبلغ 35 بالمئة من حصّة سوريا والعراق لهذا العام.

سدُّ “تشرين” الذي يقوم بتأمين حصّةٍ واسعة من المياه والكهرباء للمنطقة الشمالية، على رأسها مدينة حلب وريفها وإقليم الجزيرة.

وبحسب الفنّيين العاملين في السدّ، انخفض منسوب مياه نهر الفرات في بحيرة سدّ تشرين والطبقة إلى ما يقارب الـ 4 إلى 5 أمتارٍ عن منسوبه الطبيعي, وتدفّق المياه انخفض إلى 30 متراً مكعّباً في الثانية، بينما وصِفتِ الخطوة التركية هذه بـ”الكارثية” على كلّ سكان حوض الفرات.

ونشر نشطاء محلّيون صوراً على الانترنت وثّقت قيام الدولة التركية بقطع تدفّق مياه الفرات إلى الأراضي السورية، من خلال بناء الطرق الترابية ما بين الضفة الغربية والضفة الشرقية لنهر الفرات, حيث يبلغ طول الأوّل 163 متراً بعرض 4 أمتارٍ، والثاني بطول 50 متراً وعرض 3 أمتارٍ ونصف.

ووصف النشطاء الخطوة التركية بأنها “التحضير لإبادةٍ جماعية” فيما علّق الآخرون على الصور التي انتشرت بكثافة على صفحات التواصل الاجتماعي بأن “تركيا تريد قتلنا بالماء”.

ويُعتبر نهر الفرات المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمعظم مناطق وسط وشمال سوريا، ومع قرب اكتمال “المشروع التركي” بسدّ مجرى النهر، تزداد مخاوف السوريين من أن يؤدّي ذلك المشروع إلى كارثةٍ إنسانية وبيئية، بالإضافة إلى احتمال استخدام الطريق الترابي المستحدث عسكرياً للهجوم على وحدات حماية الشعب المتمركزة على الجهة المقابلة من النهر.

 

 

وعد محمد

 

قد يعجبك ايضا