تركيا تعترف بسرقة زيتون عفرين بقوة السلاح
سهول منطقة عفرين السورية الخصبة وجبالها هي الأرض التي تنتج أحد أفضل أنواع زيت الزيتون في سوريا و يمثل ذلك 70 في المئة من دخل أبناء المنطقة ذات الغالبية الكردية.
وتحولت أشجار الزيتون التي يتجاوز عددها في عفرين 18 مليون شجرة إلى مصدر دخل للاحتلال التركي والفصائل المسلحة المدعومة من قبله، منذ احتلالها للمنطقة قبل عام.
وأطلقت تركيا في 20 يناير/كانون الثاني 2018 عملية عسكرية لاحتلال المنطقة بالتعاون مع فصائل مسلحة كانت تدين بولائها لتركيا، وكان الزيتون أول ضحايا هذه العملية.
فقد استولت هذه الفصائل على جزء كبير من محصول الزيتون بقوة السلاح وقامت ببيعه إلى التجار الأتراك بينما منعت قوات الاحتلال التركي والفصائل المسلحة إخراج الزيت من المنطقة مما أدى إلى تدهور الأسعار إلى درجة أن سعر صفيحة الزيت ( 16 لترا) في عفرين تبلغ 14 ألف ليرة سورية ( حوالي 30 دولار) بينما في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري تتجاوز الضعف.
ونقلت صحيفة ديلي تليغراف البريطانية عن نائب في البرلمان السويسري قوله إن تركيا قامت بسرقة زيت الزيتون من سوريا وبيعه في الأسواق الأوروبية على أنه من إنتاج تركيا.
وقال النائب برنارد غوهل “في عفرين الواقعة تحت الاحتلال التركي تتعرض كروم الزيتون للتدمير من قبل الجيش التركي والمليشيا الموالية له. والزيت الذي سرقوه يتم بيعه إلى إسبانيا وعملية البيع مستمرة”.
وحسب موقع صحيفة بابليكو الاسبانية على الانترنت، فإن النظام التركي يستخدم عدداً من شركات الوسيطة لتصدير الزيت الذي يتم الاستيلاء عليه من الفلاحين الأكراد في عفرين إلى إسبانيا.
ونقل الموقع عن مصادر محلية قولها إن الزيت المنهوب يتم خلطه بالزيت التركي قبل أن يصدر بأسماء وهمية وقدّر الموقع قيمة الزيت المنهوب من قبل تركيا من عفرين بنحو 70 مليون يورو وربع ذلك المبلغ حصة الجماعات المسلحة المتمركزة في عفرين.
وقد اعترف وزير الزراعة التركي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 باستيلاء تركيا على محصول الزيتون في عفرين وبيعه.
وجاء اعتراف الوزير رداً على اتهام رئيس حزب الشعوب الديمقراطية لتركيا بنهب محصول زيت الزيتون في عفرين.
ونقل الصحفي التركي فهيم تاشتكين عن نائب لحزب الشعب الجمهوري التركي المعارض في البرلمان قوله إن 50 ألف طن من زيت الزيتون تم تهريبه من عفرين إلى تركيا.
وأكد ذلك النائب عن حزب الشعوب الديمقراطية نور الدين ماجين، بقوله “إن المسلحين لم يكتفوا بتهريب 50 ألف طن من زيت الزيتون من عفرين بل قاموا بتدمير حقول الزيتون أيضا”.
واوضح الاقتصادي جلانك عمر، أحد أبناء عفرين، أن المنطقة أنتجت هذا العام 270 ألف طن من الزيتون وهو ما يمثل 30 في المئة من إنتاج سوريا.
وبلغت القيمة السوقية لهذا الإنتاج حوالي 150 مليون دولار حسب تقديره ولم يحصل المزارعون سوى على ثلث هذا المبلغ.
وأشار عمر إلى أن التجار الذين يشترون إنتاج الزيت من الفلاحين الكرد يعملون تحت إشراف الفصائل المسلحة المنتشرة في عفرين والشراء يتم بنصف السعر السائد خارج عفرين ويقومون بنقل الزيت إلى تركيا مباشرة، ويتم إدخال قسم من هذا الزيت إلى المناطق الأخرى في سوريا عبر معابر حدودية مع تركيا تسطير عليها المعارضة.
وأدت عمليات تهريب زيت الزيتون والزيتون المستولى عليه في عفرين إلى تركيا، لتراجع الأسعار في السوق التركية، وفرضت الإدارات التي شكلتها تركيا في عفرين وبلداتها اقتطاع نسبة تتراوح ما بين 10 الى 20 في المئة من محصول الفلاحين من الزيت مقابل السماح لهم بقطف حقول الزيتون التي يملكونها.
أما الفصائل المسلحة التابعة للاحتلال والمنتشرة في عفرين، فقد فرض كل فصيل ما يشاء من أتاوات على المزارعين وفي أحيان كثيرة تقوم بسرقة المحصول من الفلاحين بقوة السلاح حتى بعد أخذ الأتاوة.
وجاء في تقرير كتبه مصطفى أبو شمس في موقع الجمهورية المعارض أواخر العام الماضي حول موسم الزيتون في عفرين “قام كل فصيل بوضع يده على المنطقة التي سيطر عليها، ثم إحصاء الممتلكات والأشجار التي تعود ملكيتها للمنتمين إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، عن طريق المكاتب الاقتصادية للفصائل وعن طريق مخاتير القرى الذين حددوا الملكيات. ومع حلول موسم الزيتون قامت الفصائل باستئجار عمال لقطاف محصول هذه الأراضي، وعصره أيضاً في المعاصر التي باتت تابعة لها بدورها بوضع اليد، ثم بيعها في السوق لصالح الفصيل”.
يذكر أن عدد المهجرين من أبناء المنطقة بسبب العملية العسكرية التركية لا يقل عن نصف سكان المنطقة وكل الممتلكات التي تركها هؤلاء وعلى رأسها حقول الزيتون باتت ملكاً للفصائل المسلحة.
لم يقتصر الأمر على الاستيلاء على قسم كبير من موسم الزيتون، بل أفادت تقارير عديدة، بعضها من مصادر مقربة من أوساط المعارضة، بقيام المسلحين بقطع آلاف أشجار الزيتون وبيعها حطباً في تركيا بهدف الكسب المادي.
فقد قال موقع “زمان الوصل” المعارض في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 “إن أعداداً كبيرة من أشجار الزيتون في عفرين شمال سوريا تم قطعها وتحويلها إلى حطب يباع في داخل تركيا، وهي جريمة توازي إزهاق أرواح البشر لأن هذا الزيتون يطعم بشرا، وقطعه يوقف مصدر رزق أصحابه ويهدد حياتهم”.