تركيا تحبو نحو المغرب العربي… تاريخ يتجدد وأطماع لا تنتهي (خاص)

يبدو أن البلدان المغاربية لا تزال تحتلّ مكانةً خاصّةً في نموذج سياسة النظام التركي القديمة الجديدة، والبارز هذه المرّة هو وصول الجنوح التركي إلى حدود لم يسبق أن وصل إليها منذ أكثر مئة عام.

لكن جنوحه ذاك في دخول ساحة الدول المغاربية، ليس بالأمر الهيّن، فهو مرهون بتحدِّيَات، تفرضها البيئة الدولية، والإفريقية الداخلية، فعلى مستوى النظام الدولي، باتت موارد إفريقيا مطمعاً لكل القوى الدولية الكبرى، والإقليمية الناشئة، بل والصغرى الطامحة، التي استغلت تفاقم ظواهر سلبية كثيرة في البيئة الإفريقية، مثل الجريمة المنظمة والصراعات المسلحة، وعدم الاستقرار السياسي، وتفشي ظواهر جديدة نسبياً أبرزها الإرهاب، والتغيرات المناخية.

تلك الظواهر السلبية آنفة الذكر كانت معين النظام التركي في انتهاز الفرصة للحبو نحو القارة السمراء، لا سيما في السنوات الخمس الماضية، إذ عمل على رفع نشاطه العسكري في ليبيا، متدخلاً في شؤونها الداخلية عبر التسليح والتدريب وإرساله المرتزقة لتحقيق أطماعه وأجنداته، إضافة إلى إبرامه صفقات اقتصادية مع الجزائر وتونس والمغرب وهو ما كلّف اقتصادات الأخيرة خسائر كبرى.

رفض شعبي لسياسات التقارب مع النظام التركي
ولم يَقِف الطموح العسكري التركي تجاه إفريقيا، عند حد التسليح والتدريب، وإرساله المرتزقة، بل تخطى ذلك إلى إنشاء عدة قواعد عسكرية شاملة، كان أكبرها حتى الآن قاعدة “تركصوم” في العاصمة الصومالية مقديشو، بالإضافة إلى قواعد أخرى يجري العمل عليها في ليبيا وجيبوتي والنيجر، الأمر الذي قوبل برفض المجتمعات المغاربية وخاصة في ليبيا وتونس.

وحتى الأحزاب والتيارات السياسية في تونس وليبيا ودول مغاربية أخرى ترفض مسألة دعم التقارب مع النظام التركي، المبني على تحقيق مصالح الأخير بالدرجة الأولى.

ويجمع محللون ومراقبون للشأن الإفريقي على أنه ثَمَّة عقباتٌ وتحدياتٌ جسامٌ، يمكنها أن تَحُدّ أو تُبطِئ من تنامي النفوذ التركي في إفريقيا، إذ ليس من المتصوَّر أن يكون الطريق إلى القارة السمراء ممهداً وآمِناً، باعتبارها منجم العالم، ومعينه الذي لا ينضب، إضافة إلى تفاعُلات البيئة الداخلية الإفريقية، والسياقات التي تفرضها البيئة الدولية التي لا تنفك تموج بديناميكية صراعية متعددة الأطراف والمستويات والمجالات.

قد يعجبك ايضا