بمراسم تشييع مهيبة… الفن الكردي يودع “بافي طيار” نجم الكوميديا الاجتماعية (خاص )

بقلوبٍ مفجوعةٍ ودّع الكرد الثلاثاء في مدينة قامشلي شمال شرق سوريا، فنانها خفيف الظل جمعة خليل، بطل فرقة “بافي طيار” المسرحية، التي شكلت جزءاً أساسياً من فقرة الفكاهة الهادفة خلال حفلات نوروز، والتي آثرت التجوال لتقدم عروضها على مختلف الخشبات، المقامة بمنطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا، تلبيةً لدعوة الجماهير المترقبة.

حسٌّ فُكاهي عالٍ وموهبةٌ فطرية كبيرة في الفن الكوميدي، امتلكهما جمعة خليل، فأصبحتا سفير محبةٍ لسلسلة أفلام “بافي طيار” في قلوب الملايين من الكرد بمختلف أصقاع العالم.

قامشلي | عبد القادر سوسك ـ مصور

“عملت في الحسكة لمدة أربعة أعوام في الماضي كنا انا وبافي طيار على معرفة لكننا لم نعمل مع بعض سوياً إلا في 1992 بشكل رسمي فكان فيلمنا الأول أشبه بمزحة وفيما بعد عندما ظهرت أقراص السي دي انطلقنا بشكل جدي أكثر لتسجيل الأفلام وفي الحقيقة أنا عملت كثيراً في مجال الفيديو كليب ولكن في حياتي كلها لم أر أحداً مثل بافي طيار ممثلاً جريئاً مجتهداً على المسرح عدا عن كونه مبدعاً هو نفسه”

سلسلة أفلام “بافي طيار” تحدت أجهزة نظام البعث، الذي ضّيق الخناق على الثقافة الكردية وعلى محاولات تطوير أدواتها، لتُطرَح معضلات المجتمع الكردي في إطار كوميديا اجتماعية، تعتمد إنتاجاً متواضعاً وإسهاماً وإشراكاً شعبياً منقطع النظير، وتنتشر في المجتمع المحلي وتسافر عبر الحدود سراً، بعيداً عن الرقابة، من خلال الأقراص المضغوطة قبل أن تحرز التقنية التقدم الحالي.

“عملنا سوياً لسنوات وقدمنا الكثير من الأعمال وعلى الرغم من صعوبة إدخال المرأة في فن التمثيل إلا أن أعمالاً مهدت الطريق لها وعملنا مع فرق فنية أخرى مثل كوما بوطان وتجولنا في الأرياف والقرى وعلى الرغم من مضايقات النظام السابق لكننا عملنا بسرية وبإمكانات بسيطة جداً رغم ذلك كان القبول كبيراً فدخل بافي طيار إلى كل المنازل”

فنانٌ لم يبحث عن الضوء، ومع ذلك دخل كل البيوت، وعباراته التي طالما اشتهر بها عبر سلسلة أفلامه وعروضه المسرحية، صارت تتردد على كل لسان، وكافح كما غيره من كُرد المنطقة، من أجل تحسين حالته المادية وتأمين حياةٍ حرة كريمة لعائلته، أضف إلى ذلك حسَّه الوطني الذي امتاز به، فلم يتردد في الانضمام إلى قافلة المدنيين من أهالي شمال شرق سوريا المناوبين لحماية سد تشرين من استهداف الاحتلال التركي.

“عادة يتوج الفنانون بالميداليات والجوائز الكبيرة لكن بافي طيار جلب بنفسه وبدمه الطاهر جائزته وقدمها لهذا الشعب، وأنا سعيد بأن الشعب يشيع بهذه المهابة بافي طيار ورفاقه الشهداء من بينهم بافي هوكر، أحني قامتي امامهم وهذا حالنا نحن الكرد دائماً فدائيون”

هذا وفقد الفنان جمعة خليل ومجموعة من رفاقه من أهالي قامشلي حياتهم، إثر استهداف الاحتلال التركي للمدنيين المعتصمين على سد تشرين، لحمايته من هجمات الاحتلال التركي وفصائله الإرهابية، وتقديم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية.