بعد طي شهرها الأول.. احتجاجات السويداء جنوبي سوريا في تصاعد مستمر

احتجاجات السويداء المناهضة للحكومة السورية تطوي شهرَها الأول، مسقطةً جميعَ رهانات الحكومة وقنواتها الإعلامية على ملل المحتجين وتراجعهم، وفاتحةً الباب لصفحةٍ جديدة من الحَراك الشعبي السوري، أو ربما معيدةً إيّاه سيرته الأولى التي بدأت عام ألفين وأحد عشر.

ثلاثون يوماً مضت وحناجر المحتجين تصدح ولا تزال، بمطالب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد و “حزب البعث” وتطبيق الحكم اللامركزي والقرارات الأممية بشأن سوريا وعلى رأسها القرار اثنان وعشرون أربعة وخمسون وإطلاق سراح المعتقلين في سجون الحكومة، في مطالبَ قديمةٍ جديدة، يعتبرها ناشطو الحَراك والمحتجون الطريقَ الوحيد لإنهاء الأزمة ووضع حدٍّ لمعاناة السوريين المستمرة منذ أكثرَ من اثني عشر عاماً.

ساحة “الكرامة” مركز الاحتجاجات الرئيسي وسط مدينة السويداء، باتت رمزاً من رموز الحَراك يتوافد إليها يومياً العشرات من أبناء المدينة والقرى والبلدات التابعة لها ويرتفع العدد للآلاف في التظاهرة المركزية التي تنظّم يومَ الجمعة من كلّ أسبوع، رافعين الشعاراتِ ذاتها، ومؤكدين التمسّك بسلمية حَراكهم ومنع جميع المحاولات لحرفه عن مساره وجرّه للعنف، الذي اختبروا جيداً استخدام قوات الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية له على مدار سنوات الأزمة، وما خلّفه من كوارثَ أتت على أغلب مقدرات البلاد وفتح الباب لتدخّلاتٍ خارجية في شؤونها تحوّلت معها معظم المناطق إلى محتلة.

احتجاجات يقول محللون، إنها وضعت الحكومة السورية في إحراجٍ كبير من حيث الاستمرار بتجاهلها وتجاهل مطالبها المشروعة والتعويل على ملل المحتجين وتراجعهم، أو اللجوء للعنف على غرار ما حصل في المناطق السورية الأخرى وبالتالي كسر السردية التي دأبت دمشق عليها منذ اندلاع الأزمة عام ألفين وأحد عشر، وهي ما تسميه “حماية الأقليات”، وهو أمر يعيق اللجوء إليه أيضاً إصرار المحتجين على سلمية حَراكهم ورفض الانجرار للعنف، في توجُّهٍ أكد عليه شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري الذي قال قبل أيام إن إطلاق النار على المحتجين قرب فرع “حزب البعث” بالسويداء يهدف لحرفِ الحَراك عن مساره.

حَراكٌ كانت النساء حاضراتٍ فيه وبقوةٍ منذ اندلاعه قبل شهر ومتقدماتٍ صفوف المحتجين بنسبةٍ تفوق أربعين في المئة وَفق ما وثّقت تقاريرُ إعلامية، رافعاتٍ الشعارات المطالبة بالانتقال السياسي ورحيل الأسد، في احتجاجاتٍ يعتبرنها فرصةً للخلاص وتحصيل الحقوق والحريات، والوصول إلى دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع.

شهرٌ أول يمضي والحَراك مستمرٌّ وزخمه في تزايدٍ ملحوظ، وتتزايد معه مخاوف الحكومة السورية من انتقاله لمناطقَ أخرى، يميّزه أيضاً التوجُّه الوطني الخالص ورفض الارتباط بأي أجنداتٍ خارجية والاحتلالات للأراضي السورية، ومناهضة أيِّ قوىً وكياناتٍ مرتبطةٍ بالخارج وهو ما تجلّى بوضوحٍ في شعار “الائتلاف السوري” لا يمثلني.

قد يعجبك ايضا