انتهاكات الحكومة الانتقالية في سوريا تشرع الأبواب للتدخلات الخارجية (خاص)

في وقت كان يُنتظر فيه من الحكومة السورية الانتقالية أن تمهّد لبداية جديدة في بلد أنهكته الحرب، جاءت إجراءاتها الأخيرة مخيبة للآمال بل ومثيرة للقلق إذ خلفت أحداثاً دموية وتصعيداً خطيراً فتح المجال أمام تدخلات خارجية متسارعة.

هذا التصعيد تجلى بوضوح في مناطق الساحل السوري خصوصا القرى والمدن ذات الغالبية العلوية، حيث شهدت تلك المناطق مجازر بحق المدنيين من قبل قوات الحكومة الانتقالية وفصائل مسلحة تدور في فلكها وتأتمر بأمرها.

لم تلبث هذه التوترات أن انتقلت جنوبا حيث سُجلت حوادث مشابهة في مناطق درزية مثل صحنايا وجرمانا بريف دمشق وصولا إلى السويداء، شملت اقتحامات وعمليات قتل ما أعاد إلى أذهان السوريين مشاهد القمع التي ظنوا أنها طويت مع بداية المرحلة الانتقالية.

وتحت عنوان “حماية الأقليات” سارعت إسرائيل إلى التدخل حيث صرّح وزير دفاعها يسرائيل كاتس أن بلاده لن تقف متفرجة على ما يحدث للدروز في جنوب سوريا، أعقب ذلك سلسلة غارات جوية إسرائيلية.

القصف الإسرائيلي طال عدة مواقع في أطراف دمشق وصولا إلى نقطة قريبة من القصر الرئاسي في العاصمة، والتي علقت عليها تل أبيب بأنها رسالة تحذير واضحة للحكومة السورية أنها لن تسمح للقوات السورية بالانتشار في جنوب سوريا أو بتشكيل أي تهديد للدروز.

محافظة السويداء شهدت احتجاجات واسعة طالبت بحماية دولية عاجلة لأبناء الطائفة الدرزية معتبرين أن ما يتعرضون له لا يحتاج إلى لجان تحقيق بل إلى تدخل دولي فوري لوقف الانتهاكات.

مراقبون للشأن السوري يرون أن الحكومة الانتقالية التي كان يُفترض بها أن تعلن القطيعة مع الماضي، لم تُظهر حتى الآن أي جدية في تعزيز الثقة أو حماية جميع المواطنين دون تمييز، بل على العكس مارست سياسات طائفية وأمنية عنيفة استهدفت مكونات محددة وخلقت مناخاً مشحوناً بالشك والخوف ما فتح الباب واسعاً أمام التدخلات الخارجية وخصوصاً من إسرائيل.

ووفقا لمراقبين كان الأجدر بالحكومة السورية الانتقالية أن تبني مصالحة داخلية حقيقية مع مختلف الطوائف الموجودة في سوريا تحصّن فيها البلاد من أي تدخل خارجي.

وبحسب هؤلاء فإن كل غارة إسرائيلية تكشف وجها جديدا للمأساة السورية، ليس لأن إسرائيل محقة بل لأن الداخل السوري بات مكشوفا وهشا يفتقر إلى رؤية سياسية جادة أو مشروع وطني جامع، وكل ذلك يرسم علامات استفهام كبيرة حول نية الحكام الجدد في سوريا…