النظام التركي يصعد من هجماته لاحتلال المزيد من الأراضي في إقليم كردستان (خاص)

تشكل الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة الفلسطيني ولبنان، وما يلحق بها من تصعيدٍ في سوريا واليمن والعراق المشهدَ الأبرز في الشرق الأوسط، ما يجعل جملةً من القضايا التي لا تقلُّ أهميةً عن تلك الحرب، في الترتيب الثاني على مستوى الأحداث، على الرغم من أن المشهدَ يكاد يكون مطابقاً لما يحدث على جبهات القتال التي فتحتها إسرائيل.

قصفٌ جوي ومدفعي وغاراتٌ بالطيران الحربي والمسير، إضافةً إلى ذلك توغُّلٌ بري وتهجيرُ قرى، واحتلالُ أراضٍ خلفَ الحدود، وبناء القواعد العسكرية، وهنا لا نتحدث عن الحرب الإسرائيلية، بل نتحدث عن هجمات النظام التركي، ومحاولاته احتلالَ المزيد من أراضي إقليم كردستان، في ظل صمت حكومتي بغداد وأربيل، اللتين تتحملان المسؤولية عما يجري، كما يقول مدنيون من الإقليم، ومراقبون للشأن العراقي.

ما يعزز تلك الرواية أنه قبل نحو شهرين، سُرِّبَت معلوماتٌ عن مصادرَ رسميةٍ عراقية، حول جملةٍ مما أسمتها بـــ”التفاهمات” بين بغداد وأنقرة، حول وجود جيش النظام التركي في إقليم كردستان، لكن يبدو أن هناك تغييراً سياسياً أربك “التفاهمات”، على الرغم من تصريحات أردوغان التي يتخللها الرضا عن تعاون بغداد معه.

وما يعزز رواية التغيير السياسي الحاصل فيما تُسمى بـ “التفاهمات”، أن قوًى في “الإطار التنسيقي الشيعي” ومن بينها “عصائب أهل الحق”، دعت النظامَ التركي إلى سحب قواته من إقليم كردستان، محذرةً من استغلال الحجج والذرائع لاحتلاله المزيد من الأراضي، داعيةً حكومةَ أربيل إلى التنسيق مع الحكومة الاتحادية، لاتخاذ موقفٍ موحدٍ يضع حداً لما وصفتها بـ”الأطماع التركية”.

وعلى الرغم من تلك الدعوات، يواصل جيش النظام التركي شن المزيد من الهجمات، على عدة مناطقَ بمحافظتي دهوك والسليمانية وأربيل عاصمة إقليم كردستان، مخلفةً ضحايا من المدنيين، وخسائرَ كبيرةً في الممتلكات، بالإضافة إلى تهجير عشرات القرى.

وفي السادس والعشرين من شهر يونيو/ حزيران الماضي، سجلت منظمة “فرق صنّاع السلام” الأمريكية، دخول جيش النظام التركي بثلاثمئة دبابةٍ ومدرعة، في أكثر من ست قرى في إقليم كردستان، مؤكدةً أن نحو ألفِ جنديٍّ تركي، تنقّلوا في منطقة جبل متينا خلف ناحية “بامرني” في غضون ثلاثة أيام.

المنظمة الأمريكية أعلنت في وقتٍ سابق، أن النظام التركي قصف إقليم كردستان مئتين وخمسًا وثمانين مرةً خلال سبعةٍ وعشرين يوماً، مؤكدةً نزوح مئةٍ واثنتين وثمانين عائلة، من ثماني قرى في قضاء العمادية بمحافظة دهوك بشكلٍ كامل، وأن أكثر من ستِّمئةِ قريةٍ باتت مهددةً بالإخلاء، مشيرةً إلى أن القصف تسبب بإحراق خمسةٍ وستين ألفَ دونمٍ من الأراضي الزراعية في محافظة دهوك.

وبين ادعاءات أردوغان عن التعاون مع بغداد وأربيل، والدعوات العراقية لإنهاء الوجود التركي في إقليم كردستان، تبرز مخاوفُ لدى المدنيين، من أن الهجمات المستمرة تهدف لتوسيع المناطق التي تحتلها تركيا، وهو ما يؤكده مراقبون.