المرصد السوري: تهجير آلاف العوائل الكردية من منبج شمال سوريا قسراً

لم يكن النزوح خياراً من مدينة منبج شمال سوريا، بل ضرورة للنجاة، نزوح طال آلاف العائلات الكردية التي وجدت نفسها بين مطرقة الحرب وسندان المصادرة والضياع.

لم تكن المعاناة محصورة في فقدان المأوى، بل تجاوزتها إلى انتهاك الكرامة، وسلب ما تبقى من الشعور بالأمان والانتماء.

المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد، أن العملية العسكرية التي أطلقها الاحتلال التركي والفصائل الإرهابية التابعة له في أواخر عام 2024 تسببت في نزوح آلاف العائلات الكردية من مدينة منبج وريفها.

ووفقاً لتقديرات محلية بحسب المرصد، يُشكّل الكرد نحو 30% من سكان منبج، أي ما يعادل نحو ثمانية عشر ألف عائلة. وقد نزحت نسبةٌ كبيرةٌ منهم قسراً، نتيجة التصعيد الميداني وتراجع الأوضاع الأمنية.

وتشير بيانات الجهات المعنية إلى أن عدد العائلات الكردية المهجّرة حتى الآن بلغ قرابة أربعة آلاف عائلة، تم توثيقها.

المرصد الحقوقي، أشار الى أن هذه الأرقام تمثل فقط العائلات التي جرى توثيق نزوحها من قبل الجهات المعنية، في حين لا تزال هناك عائلات أخرى لم تدرج في الإحصاءات بعد، سواءً بسبب نزوحها بشكلٍ فردي أو انتقالها إلى مناطق بعيدة، بما في ذلك مناطق خارج البلاد، ما يشير إلى أن الأعداد الفعلية للمهجّرين قد تكون أعلى.

في المقابل، لا تزال أغلبية العائلات الكردية الأخرى داخل منبج وريفها، تعيش تحت ظروف أمنية متقلبة، وسط خشية حقيقية من امتداد النزوح إلى أحياء وقرى إضافية في حال استمر الغموض العسكري والسياسي.

ومن أبرز الانتهاكات الجسيمة التي وثقها المرصد السوري لحقوق الإنسان، هي استيلاء فصائل ما يسمى بالجيش الوطني السوري على ممتلكات مئات المدنيين الذين اضطروا للنزوح من منازلهم تحت التهديد المباشر أو جراء القصف. هذه الاستحواذات غير القانونية تُنفذ غالباً تحت مسمى “المصادرة”، لكنها في حقيقتها سرقة ممنهجة للعقارات، التي أغلبها تعود لأفراد من المكوّن الكردي، مما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ولقوانين الحماية الدولية.

ما يحدث في منبج ليس نزوح، بل اقتلاع لحياة بأكملها، حيث إنه خلف كلِّ رقمٍ حكاية إنسان، ووراء كل بيت مصادَر وطنٌ يُسرق بصمت، وبين الخوف والحنين، تبقى العيون معلّقة على أمل العودة، والقلوب تبحث عن عدالة تأخرت كثيراً.