القدس العربي: صورة سوريا الغائمة في تقاطع الحرائق

الكاتب: موفق نيربية

في مارس/آذار الماضي، قال تقرير لمجموعة الأزمات الدولية أنه «لا يشكل تجنب مواجهة عسكرية كارثية في إدلب، واحتواء مسلحي المنطقة حلاً دائماً، لكن حتى الآن، يشكل ذلك أفضل خيار متوفر يحمي حياة السكان».
وكل الأخبار والصور التي تأتينا من هناك حالياً، تعبّر بقوة عن أن هنالك عدم مبالاة وبروداً قاتلاً في موقف القوى الفاعلة على الأرض، أمام الأخطار الهائلة على حياة السكان، التي رأينا الكثير منها، وما زالت مفتوحة على احتمالات أسوأ بكثير مما حدث.
وفي لبنان، كانت الآثار السورية قد تعرضت لنكسة قوية في السابق، إلا في مجال الفساد، واستمرار الدور الأسود الذي يلعبه حزب الله، أو إيران عموماً.
وأمام تفاقم الحالة المعيشية والفساد، انتفض اللبنانيون، وتغيّرت الصورة، حتى ابتدأ الجميع بتملّق الحراك وادّعاء ملكيته جزئياً أو كلياً.
رفع اللبنانيون شعارات سلمية أيضاً، بالتركيز على الفساد وسوء الأحوال المعيشية، وعمومية الحراك خارج الطوائف، وقاموا من جهة أخرى بتحييد مسألة اللاجئين السوريين، لقطع الطريق على الطرف الآخر، والإصرار على حكومة من المستقلين خارج النخبة السياسية المعروفة، وعلى برنامج إصلاحي جذري، حصين على الاحتيال والتفخيخ المعتادين.
كذلك ظهرت البصمات السورية الأخرى، وبشكل أكثر صراحة ووضوحاً، ليس من طريق جبران باسيل وحسن نصرالله وحدهما، بل كذلك من خلال تقدم «السوريين» ليلعبوا دوراً مهما للمرة الأولى منذ زمن في تشكيل حكومة حسان دياب العتيدة.
ظهرت البصمات السوداء كذلك في طريقة وخبرات استدراج المنتفضين للعنف، وأيضاً في الإرهاب المقنّع الذي يمارس وظيفته بالحرائق والقمع السافر وتفريق الناس، بالترغيب والترهيب، وبالخداع أيضاً.
كلّ ذلك، والسوريون في لبنان وكلّ مكان، يضعون أيديهم على قلوبهم، من الحرص والرجاء والخوف، وخشية التأثير السالب على قضيتهم وحالهم.
في ظلال تلك المأساة الخانقة، وضياع سوريا وزلازل المنطقة، التي خلقت معادلة جديدة بهمة الأسد وشركاه و»خصومه»، تقدم ترامب بما يراه صفقة القرن، مستفيداً وصهره من كلّ خبرتهما الطويلة في بناء وتجارة العقارات، وسمسرة العقارات!

قد يعجبك ايضا